الفائز
بجائزة الشيخ زايد للكتاب يؤكد أن العقلاء جلبوا الهزيمة والمجانين حافظوا على
الهوية
بيروت:
أسماء وهبة
حصل
الروائي الفلسطيني أسامة العيسة على جائزة الشيخ زايد للكتاب والآداب في دورتها
التاسعة عن روايته "مجانين بيت لحم"، التي وصفها البيان الصادر عن
الجائزة بـ"النص الأدبي الفريد، كونه يهتم بسيرة المكان، ويتتبع تغيراته من
خلال موضوع الجنون".
وحول
ما إن كان يسعى للتأريخ لحقبة سياسية معينة أو التفاعل مع حالة اجتماعية ما من
خلال عمله، يقول العيسة لـ"الوطن" "قد لا يكون من المناسب التعامل
مع الرواية كبديل عن كتب التاريخ لكن ربما الأصح الإشارة، خصوصا فيما يتعلق
بروايتي، إلى أنها محاولة لفهم ما جرى وما يجري من خلال الاشتباك مع التاريخ
والسياسة والثقافة والعلاقات الاجتماعية، حاولت في "مجانين بيت لحم"
تقديم المكان والإنسان الفلسطينيين بطريقة جديدة، وهذا جزء من مشروعي البحثي
والأدبي والصحافي، لا أحبذ التعامل مع الرواية كمصدر تاريخي وإن كانت في بعض
الأحيان تشكل شاهدا على التاريخ والعصر، مثل رواية "الحرب والسلام
لتولستوي".
واعتمد
أسامة العيسة في روايته على دمج أكثر من طريقة في الكتابة، كأن يجمع بين الحكاية
والبحث الموثق والتماهي بين شخصيات متخيلة وأخرى حقيقية عاشت في قرون ماضية وثالثة
تعيش الآن، وهو يعلل هذا الأمر بقوله "كل عمل بالنسبة لي مغامرة في الشكل
والمضمون، حاولت في "مجانين بيت لحم" تقديم مقترح لشكل جديد للرواية
العربية يخص فقط روايتي هذه، فالرواية المقبلة لن تكون أبدا بنفس الشكل، وفي
النهاية يمكن القول إن كل مضمون يختار شكله الأنسب".
من
هنا يرى النقاد أن أهم ما يميز رواية "مجانين بيت لحم" شعور قارئها بأنه
جزء من عالم مستشفى الأمراض العقلية، وهذا ما يؤكد عليه أسامة بقوله "تنعدم
في روايتي الحدود بين الواقع والخيال، وبين الأسطوري والواقعي، مستشفى الأمراض
العقلية جزء من الفضاء المكاني الذي نشأت فيه، عرفت وصادقت كثيرين من نزلاء هذه
المستشفى، إلا أن الرواية أمر آخر كونها حرفة وصناعة ثقيلة ليست انعكاسا للواقع
إنما إعادة إنتاجه برؤية جديدة، حاولت في روايتي تقديم ما أسميه وطن المجانين
الفعلي، قاصدا المستشفى التي تمت محاصرته من العقلاء، بتشييد بنايات حكومية تابعة
للسلطة الفلسطينية عليه، وفي الوقت ذاته تحاصر الكل المستوطنات الإسرائيلية، هذا
المكان يمكن أن يرمز أيضا إلى الواقع الفلسطيني الحالي، حيث يعيش الفلسطينيون في
كانتونات صغيرة تصغر مع مرور الوقت، المجانين هم الذين استشهدوا، وجرحوا، وصمدوا،
وسجنوا، والعقلاء هم الذي هربوا مبكرا وعندما عادوا، عادوا ليجنوا ما اعتقدوا أنها
ثمار. العقلاء هم الذين بنوا بيروقراطية فاسدة حتى قبل إنجاز التحرير، وهم من
جلبوا الهزيمة، أما المجانين فهم من حافظوا على الهوية".
وينفي
أسامة العيسة أن تكون روايته "مجانين بيت لحم" جزءا من أدب النوستالجيا
الذي اشتهر فيه عدد غير قليل من الروائيين والشعراء والكتاب الفلسطينيين، وهو يقول
"أعتقد أن النوستالجيا لا تنتج أدبا، لقد مر الأدب الفلسطيني بهذه المرحلة،
وأظن أنه تجاوزها، وأعتقد أن البكائيات التي كتبت عن أرض البرتقال الحزين لم تصمد
كثيرا، لذا على الأدب أن يكون صادقا حتى يصدقنا القراء، لا نريد قراء شكائيين
بكائيين، لأننا لا نريد زيادة عدد الشكائيين في بلادنا العربية، كونهم كثر في
الأساس!".
إلا
أن توصيف أسامة العيسة لأدب النوستالجيا الفلسطيني لا يلغي الكتابة عن الأسطورة
الشعبية الفلسطينية ووجع الاحتلال لكن بقلم ونبض عام 2015، ويشرح قائلا
"الأسطورة جزء مهم في تكوين هوية المكان الفلسطيني، لقد ظل هذا المكان ينتج
أسطورته الخاصة مع تبدل الأديان والدول والحضارات الكثيرة التي مرّت عليه، حافظ
على نفسه من الذوبان والتبخر من خلال الأسطورة، وأنا أحاول توظيف الأسطورة أدبيا
كوني شخص مهموم بالهوية الفلسطينية".
ويعتبر
أسامة العيسة الذي يقيم في مدينة بيت لحم الفلسطينية أنه محظوظ كونه يكتب عن مكان
يعرفه".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق