يحظى
الأرشمندريت خريستو سالفاروس، المسؤول عن دير حجلة الذي يبعد نحو 3 كلم عن نهر الأردن،
بشهرة نسبية، بعد تمكنه من تحويل الدير من مكان مهجور إلى واحة في غور الأردن،
يقصدها الزوار بكثافة.
ولكن خريستو،
الذي يظهر متواضعا في سلوكه ولبسه، والذي يتحدث عن الفضائل الروحية، يبدو مفعما
بالروح القومية اليونانية، ويظهر ذلك من انجازه لوحة فسيفسائية ضخمة، تزين واجهة
مسرح الاسكندر المقدوني، الذي يشيده خريستو بجانب الدير.
قبل سنوات
تحدث خريستو لمراسلنا، خلال تجهيز اللوحة الفسيفسائية الضخمة، عن استفادته من
خارطة مادبا الفسيفسائية التي تظهر مواقع في فلسطين والدولة المجاورة خلال الحقبة البيزنطية،
ولكن خارطة خريستو الفسيفسائية المعلقة، تبدو مختلفة كثيرا عن خارطة مادبا التي
اكتشفت في نهاية القرن التاسع عشر، وعدت كنزا ثمينا.
وفي حين تظهر
على خارطة خريستو، بعض المواقع كما جاءت في خارطة مادبا، إلا ان مواقع أخرى لا
تظهر مثل مدينة القدس، التي تعتبر مركز خارطة مادبا، وتمثل القدس في القرن السادس
الميلادي، وتمكن الباحثون من تحديد مواقع عديدة في المدينة المقدسة استنادا إلى
الخارطة.
الأب خريستو،
بدا مشغولا، خلال زيارة مراسلنا للدير قبل أيّام، وأجّل الحديث، الذي تعذر اجراؤه
بعد ان قال مساعدوه بانه لن يتمكن من الحديث بسبب فترة القيلولة.
ومن الواضح ان
خارطة خريستو مزيج من عدة خرائط، تمثل تأثر فلسطين بالثقافة اليونانية، ولكنها
تحتاج إلى خبراء لمعاينتها وابداء لاراي حول دقتها العلمية.
وقال محمد
منصور من مكتب وزارة السياحة والآثار في أريحا، بان اللوحة الفسيفسائية، في واجهة
مدرج الاسكندر المقدوني، قد تكون الأكبر على مستوى العالم.
وعلم مراسلنا،
بان الارشمندريت خريستو يسعى للدخول بها إلى سجل غينتس للأرقام القياسية،
باعتبارها أكبر لوحة فسيفسائية معلقة، ووفقا لبعض التقديرات فان مساحتها تصل إلى
90 متر مربع.
وفي حال
الانتهاء من تشييد مدرج الاسكندر المقدوني، فسيكون أحد المعالم البارزة في الدير،
الذي يوجد فيه ايضا معملا للوحات الفسيفسائية، ومصنعا للشمع، ومتاجر لبيع المنتجات
التقليدية.
يُطلق على دير
حجلة، اسم القديس جيراسيموس، الذي بناه عام 455م، وهو من أقدم الأديرة في فلسطين.
بُني الدير
على شكل لافرا، وخصص للرهبان الصالحين، ويوجد في منتصف الدير مكان مشترك
للمبتدئين. خلال تلك الحقبة برز معلمون اخرون في الصحراء أمثال القديس افثيموس،
وثيوكتستس، وتيوذوسيوس، وكياكوس، وسابا، مع الالاف من الرهبان.
توجد في الدير
كنيسة صغيرة شيدت في كهف، والذي يعتقد انه استضاف السيدة العذراء والقديس يوسف
والطفل يسوع في أثناء رحلتهم من فلسطين إلى مصر هربا من هيرودس.
ويتم احياء
ذكرى القديس جيراسموس في اليوم الرابع من آذار من كل عام والذي يحل خلال فترة
الصوم الاربعيني ودائما تكون صورته مع أسد عالجه القديس، حسب الحكايات المتواترة
الاسطورية، وبعدها صار الاسد مخلصا ومرافقا ومساعدا له في اعمال بناء الدير.
وفي مدخل
الدير، تم وضع تمثال نحاسي لأسد، جلب من اليونان، بالإضافة إلى قطع أثرية عُثر
عليها حول الدير، ومن بينها تابوت قديم، لعله يعود للعصر الروماني.
وتم تصوير الأسد
وحيوانات ونباتات اخرى على الارضيات الفسيفسائية للدير، وكذلك شعار الامبراطورية
البيزنطية: النسر ذو الرأسين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق