أهلين

"من عرف الله سار، ومن سار طار، ومن طار حار". عجيل المقدسي.

الأحد، 30 أغسطس 2015

اعتقلهم البريطانيون قبل 77 عاما ولم يعودوا حتى الان







في صيف عام 1938، اقتحمت قوات بريطانية، قرية المنسي، في مرج ابن عامر، وكان هدفها القاء القبض على قائد الثوار في منطقة المرج الحاج حسن المنصور، وعندما وصلت منزله، اعتقلته، وآخرين، أُفرج عن بعضهم، ولكنه وثلاثة آخرين لم يعودوا حتى الان.

قرية المنسي، هي إحدى قرى قضاء حيفا، كما يذكر الدكتور عزمي أحمد منصور حفيد الحاج حسن، في كتابه (المنسي "حيفا" دراسة سوسيولوجية لحالة قرية فلسطينية تأبى النسيان) الصادر عن دار كنوز المعرفة في العاصمة الأردنية عمّان.

ويُطلق عليها المنسي-عرب بنيها،  نسبة إلى أربع قبائل تُشكل غالبية السكان، وتبدأ  كل واحدة منها بكلمة بَني، وهي من القرى الكبرى في مرج ابن عامر، يمر من شمالها على بعد 5 كلم نهر المقطع، فيها مقام محمد المنسي، الذي على الأرجح منح القرية اسمها، ومقام أبو عرقوب في مغارة قديمة محاطة بأشجار البلوط

أُقيمت بالقرب منها مستعمرة (مشمار هاعيمق) سنة 1926، التي كانت الهدف الأوَّل، كما يذكر المؤلف، لنشطات الأهالي الوطنية في مكافحة الغزوة الصهيونية،

قاد الثورة في مرج ابن عامر، كما يذكر المؤلف، الحاج حسن المنصور: "حيث كان رئيسا لمحكمة الثورة في منطقة مرج بن عامر، وقد عُرف عن الحاج منصور نزاهته وغيريته وكرمه وحبه للجميع، بالإضافة إلى كونه مختار عشيرة بني سعيدان، وكان المسؤول المباشر عن منطقة المرج، في حين كان يوسف أبو درة هو القائد العام لمنطقة الجليل، وكثيرا ما كان يتواجد عند الحاج حسن المنصور وجهاء العشائر الأخرى في قرية المنسي، الذين شكلوا لجنة الاصلاح التي كانت مهمتها حل مشاكل المواطنين، أو أي نزاعات قد تحدث، نظرا لمقاطعة المحاكم المدنية، التي كان يشرف عليها الاحتلال الانجليزي".

ويقول المؤلف، بان الحاج حسن المنصور، كان يتحمل العبء الأكبر من ناحية تمويل العمليات الفدائية، ويعدد المعارك التي خاضها مقاومو المنسي وغيرهم من قرى مجاورة، مثل: معركة وادي الملح، ومعركة الجعارة (مستوطنة عين هاشوفيت)، ومعركة عتليت، ومعركة مستعمرة المراح، ومعركة أم الفحم، وغيرها والتي ارتقى فيها شهداء وجرحى، يعددهم بالاسم.

لكن أهم المعارك، ما يسميها المؤلف معركة المنسي: "اثر معرفة الانجليز بان مقر قيادة الثورة لمرج ابن عامر في قرية المنسي، وعلى ضوء تصاعد أعمال المقاومة في المنطقة، فقد قرر الانجليز مهاجمة القرية لاعتقال اللجنة العسكرية وسحق الرؤوس المدبرة للعمليات العسكرية، ففي أواخر صيف عام 1938 فوجيء أهالي المنسي منذ الصباح الباكر بجحافل الجيش الانجليزي وهي تقتحم القرية بعد محاصرتها من كل الجهات، وكان تركيز الحملة نحو بيت الحاج حسن المنصور الكائن في سفح موقع أبو عرقوب من أراضي المنسي. وكان في زيارة الحاج حسن في حينه السادة: عبد الرحمن الحاج عبد الله ابداح (ابو فياض)، وسعد مرعي الجندي، وكانا قادمين من كركور في مهمة تتعلق بالثورة، وعن الأوضاع في كركور".

يضيف المؤلف: "أثناء توجه القوات الانجليزية نحو بيت الحاج حسن، اشتبكت تلك القوات مع المجاهد حسن نايف (أبو ساري) الذي حاول عرقلة تقدمها، فأردوه قتيلا، ولم يكتف المستعمرون بذلك، فقاموا بجره من ساقيه، بالرغم من استشهاده، من سفح منطقة أبو عرقوب إلى منطقة البيادر، وجمع الانجليز أهالي القرية وطلبوا منهم التعرف على الجثة المهشمة، وخوفا من الاجراءات الانتقامية وغيرها، أنكر الجميع معرفتهم للشهيد البطل الذي أبلى في أكثر من معركة وموقع. وبعد انتهاء الطوق تم مواراة الشهيد الثرى تحت زيتونة من زيتون القرية التي أحبها وأسلمها روحه ودمه الزكي".

يكمل المؤلف: "في هذه الحملة الشرسة، تم اعتقال العديد من أبناء القرية، وتم ايداعهم في سجن جليم (لعله يقصد الجلمة) في حيفا. كما تم اعتقال الحاج حسن المنصور، وسعود موسى أحمد الموسى، وسعد مرعي الجندي، والشاب علي الحاج حسن المنصور، وبالرغم من الافراج عن بعض الذين اعتقلوا في تلك الحملة بعد عدة أشهر، إلا ان الحاج حسن وابنه وأقاربه الذين اعتقلوا معه، بقي مصيرهم مجهولا حتى يومنا هذا، ورغم المطالبة والاستفسار عنهم لدى المندوب السامي البريطاني الموجود في القدس، ومحاولات المحامي فؤاد عطا الله، الذي تم توكيله في هذه القضية، لتقصي وجودهم ومصيرهم، وذهاب العديد من الوفود من وجهاء القرية إلى العديد من المسؤولين في فلسطين، وإلى الأمير عبد الله في شرق الأردن من أجل كشف النقاب عن مصيرهم المجهول، إلا ان كل تلك المحاولات لم تسفر عن شيء".

انكر المحتلون البريطانيون، واقعة اعتقال كل من: الحاج حسن المنصور وابنه علي، وسعد مرعي الجندي، والحاج عبد الرحمن الحاج عبد الله ابداح، رغم شهود أهالي القرية على ذلك، وبعد 77 عاما، لم يعودوا، ولم يكشف النقاب عن مصيرهم أبدا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق