اهتم الملك سليمان، الذي كانت الحيوانات طوع أمره، ووهبه الله، قدرات
خارقة، لم يعرفها أحد قبله، لسبب لا نعلمه، بواحدٍ من الملائكة، احتار في عمله، هو
عزرائيل، فأقام، بطريقته، حبل الوصل معه، حتى أصبحا صديقين، يلتقيان يوميًا، يجلسان
في جبل الزيتون، في المكان الذي تفضل زوجات سليمان الكثيرات التنزه فيه، وأحيانا،
ليست نادرة، يلتقيان في قرية ارطاس، حيث كتب سليمان قصيدته التي لم يأت الأولون
ولا المتأخرون بمثلها، فسموها أغنية الاغاني، وترجمها على الأرجح، أحمد فراس
الشدياق باسم نشيد الانشاد.
وكان يحلو للملك سليمان الوقوف والاشارة إلى عين ارطاس، التي سماها في
قصيدته، التي ما زالت تُقرا حتى الان من المؤمنين والكفار، والبين بين، بالنبع المختوم،
حيث وصف فم حبيبته بانه كالنبع المختوم. وسأله عن رأيه في هذه الصورة الشعرية غير
المسبوقة.
عزرائيل، كان يعلم، بان الملك سليمان، يريد ان يتعرف على أسرار مهنة الملاك
الذي كان يظهر له، بغير هيئته الحقيقية، وإنما بهيئة بشرية، أخبر عزرائيل، الملك
سليمان، بان لا أسرار كثيرة في مهنته، هو يقبض الأرواح في أوقاتٍ معلومة وفقا ما
هو مكتوب لديه في كتاب، ليس مثله كتاب، لا حدود لحدوده.
وفي مرة، وكانا يجلسان، يتأملان، في قباب القدس، وبناياتها، وشوارعها، بينما
تتهادى نساء سليمان بكسل وملل، ظهر فجأة، شخص، يظهر من هيئته انه اخر من يتصوره
احد ان يكون من جلساء أو حضور مجالس الملوك والملائكة، فقال عزرائيل لجليسه
سليمان:
-انظر هذا الرجل من جزر الواق الواق، كان مكتوب لدي اقبض روحه بعد ساعات،
وها هو يظهر الان، بعد اذنك..!
نهض عزرائل واتجه نحو الرجل، وقبض روحه، ثم عاد إلى الجلوس بجانب الملك
سليمان، بعد ان شطب اسم الواق واقي، من دفتره. واستمرت نساء سليمان في جدال لا
ينتهي، حول زوجته الجديدة بلقيس.
فرح الملك سليمان بهذه الثقة، وبهذا التقدم في المعرفة في كيفية عمل
عزرائيل.
عزرائيل، حنّ إلى الأماكن التي كانا يتسامر فيها مع الملك سليمان، وفي
النصف الثاني من العام الجاري، نشط في برّ القدس، يقبض الأرواح، وبشكل انتقائي
عجيب، يُحسب له. إلى درجة انه يمكن للمرء ان يغبطه على هذا الاختيار. واخرهم المناضل
عدنان جابر (أبو مثقال).
البارحة، دُفن أبو مثقال، وقفت مجندة من قوات حرس الحدود، مدججة
بالسلاح، ومستوطن يرتدي شال وقبعة المتدينين اليهود، يراقبان، من خلف سياج، مراسم الدفن
في مقبرة قبة راحيل، التي أحاطها المحتلون بالأسوار، والأبراج العسكرية.
ورغم الاسوار،
وكاميرات المراقبة، إلا ان دولة الاحتلال، لم ترغب بترك أي شيء للصدفة، وكأنها رأت
في موت جابر، خطرا متوقعا، كما كان في حياته.
تقبل العزاء
في جابر في مدخل المقبرة، اقاربه، ورفاق دربه من مسلمين ومسيحيين، في مشهد اختصر
مباديء الراحل الوحدوية.
ولكن هذا لم
يمنع الانتشار الكثيف للأعلام الحزبية الحمراء، التي كاد العلم الوطني ان يختفي بسببها.
لماذا لم يرفع العلم الفلسطيني فقط في وداع قائد وحدوي، رهن حياته كلها لفلسطين ولأفكاره
القومية؟.
**
خبر رحيل
جابر:
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق