كل شيء يبدو
هادئا في شارع بئر السبع، بمدينة الخليل، رغم ان فيه عدة مواقف لمركبات تعمل على
خطوط بعض قرى الخليل، ومحلات عديدة مشرعة الابواب.
ورغم هذا
الهدوء، الذي لا يحبذه اصحاب المحلات في الشارع، الا انه بالنسبة لهم افضل مما
تحدثه قوات الاحتلال والمستوطنون، في اوقات معينة بشان الشارع.
والحديث يدور
عن وجود مقام في الشارع، يقول المستوطنون انه يضم قبر حاخام اسمه عتنائيل بن كنز،
وفي اوقات غير محددة، تتدفق اعداد كبيرة من جنود الاحتلال برفقة المستوطنين، ويتم
اغلاق الشارع، واجبار اصحاب المحلات على اغلاقها، والمغادرة، ويحبس المواطنون
انفسهم في منازلهم حتى انتهاء زيارة المستوطنين للقبر المفترض، الذي يُسمى محليا
(مقام النبي حبرون).
يملك كرم
النتشة (41 عاما)، كشكا قبالة المقام المفترض، وهو عبارة عن منزل تسكنه عائلة
فلسطينية، في الطابق السفلي منه، غرفة كبيرة تحوي عدة قبور محفورة في الصخور، من
النمط الذي يعيده الاثاريون الى الفترة الرومانية المبكرة في فلسطين، وهذا النمط
من القبور منتشر بشكل كبير في البلاد.
يقول النتشة
الذي يشعر بإحباط، من تكرار اقتحام المبنى، واغلاق الشارع: "يأتون بأعداد
كبيرة، في الاعياد الخاصة بهم، وفي اوقات مفاجئة، يغلقون الشارع على طول اكثر من
نصف كلم، ينتشر الجنود بصحبة الكلاب البوليسية، يروعون الاطفال، وطلبة المدارس،
والناس الآمنين".
ويضيف النتشة:
"يدخلون الى المبنى، وينتشرون خارجه، ويقيمون طقوسهم، وصلواتهم، محاطين
بالجنود، ثم يجلسون حول المقام في المساحات الفارغة يتناولون الطعام".
ويوجد داخل
المبنى، بقايا الطقوس التي يقيمها المستوطنون، مثل الاوراق التي تتضمن شفاعة
عتنائيل بن كنز، لتنفيذ الامنيات المختلفة، التي يتم وضعها في شقوق احدثها الزمن في
الصخور التي حفرت فيها القبور الرومانية.
احد اصحاب
المحال قال: "لا اعتقد ان الامر يتعلق بطقوس دينية، وانما برغبة للسيطرة على
المكان، وتهجير المواطنين منه، وضمه للبؤر الاستيطانية في الخليل.".
واضاف:
"يمكن لصاحب كل دين، ممارسة طقوس الدين المقتنع به، ولكن ما نشهده، هو
التنكيل بنا، واغلاق محالنا، وترويعنا".
ومقابل
المنزل، الذي يقتحمه المستوطنون، تقع مدرسة أم عمار الأساسية للبنات، وقالت احدى
المدرسات: "عندما يغلق جيش الاحتلال الشارع، فيما يشبه حظر تجول ولكن غير
معلن، ويقتحم المستوطنون المبنى، تتوقف الدراسة في المدرسة، ويمكن تخيل الترويع
الذي يطال التلميذات".
بعض سكان
الشارع يصفون المبنى، بمبكى اليهود في الخليل، اشارة الى الحائط الجنوبي للمسجد
الاقصى، الذي سيطر عليه المحتلون، وازالوا حارة باب المغاربة في الايام الأولى
للاحتلال، لتمكين اليهود من الوصول الى ما يسمونه حائط المبكى.
كرم النتشة
يبدو غير متفائل، بمستقبل الشارع، والمبنى، ويرى في الاقتحامات المتكررة، مقدمات
للاستيلاء الفعلي عليه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق