يجلس مواطن لبناني، حزينا، وهو ينظر إلى قبر
بجواره، في مقبرة شهداء الثورة الفلسطينية في بيروت، قائلا: «استشهد أخي أنور
الأنور، عام 1976، خلال عمله النضالي في صفوف الثورة الفلسطينية، وعندما توفيت
والدتي عام 1994، دفنتها بجانيه، وقبل أشهر توفي ابني فدفنته أيضا هنا، ورغم ضيق
المكان، أرغب بان أدفن أنا أيضا هنا».
بجوار مقبرة شهداء الثورة الفلسطينية، القريبة من
حي صبرا، التي تضم رفات فلسطينيين، ولبنانيين، وعرب، ومسلمين، ومسيحيين، ثمة حاجز
للجيش اللبناني، قريبا من الضاحية الجنوبية لبيروت، يوقف المركبات والمارة، وربما
يشكل رمزا على الوضع غير الطبيعي للمقبرة التي تحوي أضرحة لرموز في العمل السياسي
الفلسطيني، مثل الحاج أمين الحسيني، والشهداء كمال ناصر، وكمال عدوان، وابو يوسف
النجار، وماجد ابو شرار، وغسان كنفاني، وغيرهم.
وبسبب المعاناة التي يجدها الفلسطينيون في بيروت،
في ايجاد أمكنة لدفن موتاهم، فان مقبرة الشهداء تستقبل غير الشهداء من اللاجئين
الفلسطينيين، ولكن هذا ليس دون ثمن كما قالت أم لطفي، وهي مناضلة في صفوف حركة
فتح، تحضر يوميا للمقبرة لزيارة قبر ابنها الذي استشهد بانفجار قنبلة في مخيم
شاتيلا. وتقول انها دفعت 700 دولار، ثمن حفر قبر ابنها، ووضع شاهد حجري عليه.
تشعر أم لطفي، التي لم ترغب بالكشف عن شخصيتها،
بالإحباط من وضع المقبرة، حيث القبور عرضة لانسياب مياه الأمطار اليها، وتجريف
التربة، وانتشار الجرذان بشكل كثيف.
وتعاني المقبرة من ازدحام، خصوصا بعد اقتطاع جزء
منها، كما تقول أم لطفي، لصالح اوتوستراد المطار، دون أن يعترض أحد.
وتوجه أم لطفي انتقادات للمسؤولين عن العمل
الفلسطيني في لبنان، لعدم اهتمامهم بالمقبرة كما تقول، وتطالب الرئيس محمود عباس
(أبو مازن) بالتدخل شخصيا من أجل ترميم المقبرة حتى: «ينام الشهداء مرتاحين»-كما
تقول أم لطفي.
وتضيف: «يا ليتنا الان في القدس، نشارك في النضال،
ونستشهد هناك، لتضمنا حفنة من تراب القدس، بدلا من الشحططة هنا في الحياة وفي
الممات».
ويطالب آخرون بالاهتمام أكثر بالمقبرة مثل أبو خالد
ساعد، وهو فلسطيني لجأت عائلته إلى سوريا، وقال ساعد الذي قاتل قوات الاحتلال
الإسرائيلي عندما غزت بيروت في عام 1982 وكان عمره آنذاك 21 عاما: «دفنت في هذه
المقبرة 67 فلسطينيا من مخيم النيرب في سوريا، قضوا هنا في بيروت بهجوم من الطيران
الإسرائيلي».
ويضيف: «علينا
الاهتمام بالمقبرة بما يليق بالشهداء الذين دافعوا عن الثورة الفلسطينية، والأرض
اللبنانية، في مختلف مراحل الثورة».
يقول منير
القطب (أبو عمر)، مسؤول الجبهة الديمقراطية في بيروت، بانه يوجد اهتمام معين
بالمقبرة، وان منظمة اتحاد الشباب الديمقراطي (أشد) التابعة للجبهة، نظمت حملة
تنظيف في المقبرة، قبل اسبوعين، ولكن أم لطفي، التي وجهت الشكر لكل من نظف
المقبرة، اعتبرت ان ذلك ليس كافيا، وان المطلوب ترميم جذري للمقبرة.
وينوه أبو
عمر، إلى الصعوبات التي يواجها الفلسطينيون في لبنان، في دفن موتاهم، مشيرا مثلا إلى
قرار لمفتي الجمهورية السابق محمد رشيد القباني، بعدم دفن الفلسطينيين السنة، في
مقبرة المسلمين السنة الخاصة باللبنانيين.
ويضيف:
"اذا توفرت الأموال للفلسطيني يمكن ان يجد قبرا في بيروت، واذا كان فقيرا او
معدما، فعلى ذويه نقله إلى منطقة سيروت، في صيدا بجنوب لبنان، قرب مخيم عين
الحلوة".
ويعتقد القطب،
انه لحل مشاكل الفلسطينيين في لبنان، يتوجب تعزيز دور سفارة فلسطين في العاصمة
اللبنانية، لتقوم بدورها.
وانا اغادر
المقبرة، قالت امرأة تقف على مدخلها: "نعاني من مشاكل الحياة، ومشاكل الموت،
مشاكلنا كثيرة، والحلول قليلة، الفلسطيني المحظوظ هو من لا يموت هنا".
الماهر
ردحذفشركات تنظيف المباني في دبي
شركات تنظيف الكنب في دبي
شركات تنظيف السجاد في دبي