أهلين

"من عرف الله سار، ومن سار طار، ومن طار حار". عجيل المقدسي.

الاثنين، 24 نوفمبر 2014

أمـّا المَجانين فلا بَواكِيَ لَهُم/حمزة أسامة العقرباوي


 

يَرسُمُ الكاتب أسامه العيسة بريشة أدبة أَجملَ لوحات التمرد على الواقع المألوف حين يُخرج المجانين من عَنابِرهم وأقسامِهم في (دير المجانين) وَيُقَدِمُهُم لجُمهوره تَحتَ لواء عَميد الجُنون في فلسطين عُجيل المَقدسي آتياً به من بطن التاريخ.

كَجنون أسامه حينَ خَطّ مَلحمة الجنون لم أر في حياتي أيّ جنون، أيّةُ رواية هي هذه يا صاحبي؟ بل أيّ أسطورة هي التي نشرتها.

المجانيين في أسطورة العيسة (أولاد ناس) كما يقول المثل، وفوق انسانيتهم يُقدم العيسة جُنون الحياة والواقع المرير وجنون الجغرافيا والاحتلال والمجتمع الذي لا يرحم، في مُحاولة من الأديب الفَذ لتبرير جُنونه أو لفهم مَجانينه.

هل كُنتُ مَجنوناً وأنا أقرأ لك يا صاحبي حتى خِلتُ أنك تعنيني حين تلاحق حكايات مجانينك. أما أن لوثة الجنون التي أصابت الختيار ومن قبله الامبراطور ومن تعامل مع مجانينك وصلت إليّ عبر أسفار روايتك!!.

ينفرد الاديب الصحفي أسامه العيسة بأسلوبه وأدبه ليقدم لنا مجانين بيت لحم بنكهة الادب والتاريخ والتقرير الصحفي وروح الاثارة والمغامرة، كُل ذلك ليضعنا في مشهدٍ من الحياة لا نفهمه ونحرص على تجنبه.

ففي روايته الفريدة موضوعاً وأسلوباً يحاول الكاتب أسامه العيسة إدخالنا لدير المجانين مروراً بمخيم الدهيشة الذي يقطنه اللاجئون، المخيم الذي ارتبط اسمه بالجنون فلسطينياً ( لازم نوديك ع الدهيشة).

هذا الدخول الذي يقودنا إليه الكاتب يبدأ بسرقة عقولنا تماماً كما يفعل الضبع بفريسته قبل التهامها، يسرق أسامه العيسة عقولنا لنعيش أسرى داخل عالم المجانين، نشعر بأننا جزء من عالمهم، نراهم نحاكيهم نعيش تصرفاتهم وغموضهم، ويقلقنا ما يُقلقهم، ويصيبنا الفزع لمصيرهم.

غير أن روعة الادب ونكهة التاريخ وفن السرد الذي يتقنه الكاتب يرد إلينا عقولنا ولا يتركنا هُناك فريسة الجنون.

المجانين كما عند مؤرخهم أسامه العيسة لغزٌ لن تفهمه حتى تُطالع روايته وتعيش اجواء الجنون في ديرهم الكائن في بيت لحم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق