من يزور كنيسة القيامة بالقدس، ستبهره أمور كثيرة، أثرية وتاريخية، وروحية
ومعمارية، ولكنه على الأرجح لن ينمكن من رؤية المكان الذي يحفظ أسرار الكنيسة،
والمقصود خزانة الأواني المقدسة، أو حافظة التحف.
يوجد في الكنائس الكبيرة والمهمة، خزائن للأواني المقدسة، تستخدم لحفظ
التحف المهمة، والهدايا، والايقونات والمخطوطات والكتب، ومختلف الكنوز الأثرية
والفنية المتعلقة بكل كنيسة. ومن خزائن الأواني المقدسة المهمة، تلك الموجودة في
كنيسة القيامة ومحتوياتها غير متاحة للعرض العام.
هدايا الأباطرة
في كتابه (القبر المقدس وكنيسة القيامة) يقدم الكاتب اليوناني مانوليس
فارفونيس، لمحة عن خزانة الأواني المقدسة في كنيسة القيامة. نقل الكتاب للعربية
صموئيل بشارة. وصدر عن دار نشر يونانية، بمباركة بطريرك القدس ثيوفيليوس.
قد تعود البدايات الأولى، لخزانة الأواني المقدسة في كنيسة القيامة، إلى عهد
القديسة هيلانة التي بنتها، فوق المكان الذي شهد حادثة الصلب وفقا للتقاليد
المسيحية، حيث تم حفظ الهدايا الإمبراطورية المقدمة للكنيسة.
وحتى القرن السادس، تم في هذه الخزانة، حفظ الأواني الذهبية المقدسة،
والستائر الحريرية والاقمشة، بما فيها الرداء المطرز بخيوط ذهبية، الذي أهداه
الامبراطور قسطنطين إلى اسقف القدس مكاوريوس.
ولاحقا تم ضم الكثير من الكنوز إلى الخزانة، مثل الصليب الذهبي هدية من
الامبراطور ثينوذوسيوس، وهديا الإمبراطورة افذوكيا، والامبراطور مافريكيوس،
والصليب المصنوع من اللؤلؤ الذي أهدته الامبراطورة ثيودورا، والتاج المرضع بالأحجار
الكريمة، هدية من ملك الحبشة اليسفان، وأوني مقدسة مقدمة من الامبراطور جوستنينان،
وكأس مصنوع من العقيق اليماني، يعتقد وفقا للتقاليد بانه الكاش المستخدم من قبل السيد
المسيح خلال العشاء السري.
نهب وديون
تتحدث المصادر التاريخية عن عملية نهب تعرضت له خزانة الأواني المقدسة في
كنيسة القيامة، عام 614 عندما احتل الفرس فلسطين، وذلك خلال احراق كنيسة القيامة.
بعد هزيمة الفرس على يد الامبراطور هرقل، تم استعادة بعض الكنوز، وقدمت
هدايا جديدة وجدت طريقها إلى الخزانة.
ولكن الامور لم تسر دائما كما يجب، في فترات لاحقة تعرضت كنيسة القيامة إلى
التدمير المتكرر والنهب، والحرائق، وكذلك تم بيع بعض محتويات الخزانة، وتقديم
البعض الاخر هدايا إلى رؤساء الكنائس، وكل هذا اثر على محتويات خزانة الأواني
المقدسة.
في فترات أخرى، استمرت الهبات التي وجدت طريقها إلى خزانة الأواني المقدسة،
والتي قدمها حجاج بسطاء، وحكام من مختلف أنحاء العالم، وقياصرة، واباطرةـ وبطاركة
وكهنة. مثلا القيصر يوحنا أهدى أواني وأناجيل عام 1559، والقائمة تطول.
المهم ان اثراء خزانة الأواني المقدسة استمر على مر السنين. بهدايا من
الذهب والفضة والملابس الكهنوتية.
ولكن الامور لم تخلو من انتكاسات، مثلا في عام 1683، تم رهن بعض الأواني
للمقرضين لمواجهة المشاكل المالية التي عانت منها أخوية القبر المقدس. وهو ما حدث
ايضا خلال الفترة 1819-1825، حيث تم بيع
بعض المقتنيات.
من مختلف أنحاء العالم
منذ منتصف القرن التاسع عشر حتى اليوم، يتواصل اثراء خزانة الأواني
المقدسة، بأغراض تصل من مختلف انحاء العالم.
يتولى الان أحد الآباء مسؤولية حفظ مقتنيات خزانة الأواني المقدسة، ويطلق
عليها أمين أو حارس الخزانة وهو عضو في اخوية القبر المقدس.
من الكنوز المحفوظة الان، نموذج مصغر لمقصورة القبر المقدس تعود لعام 1819،
وصليب مرصع بالماس هدية من الامبراطور يوحنا الثامن باليولوغوس يعود لعام 1838،
والعديد من الصلبان التاريخية، وتيجان البطاركة.
ومن الأناجيل الثمينة المحفوظة في خزانة الأواني المقدسة، أناجيل ذات أغطية
ذهبية، وأحجار كريمة وانجيل قدمة قيصر روسا مطبوع في موسكو عام 1689. ومخطوط لإنجيل
لوقا يعود لعام 1616، يتميز بغطائه المصنوع من الذهب والفضة، وعليه نقوش بارزة
تمثل مشاهد من العهدين القديم والجديد.
وهناك العديد من الملابس الكهنوتية المطرزة بخيوط ذهبية، منها سترات تعود إلى
ما قبل عام 1741م.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق