أهلين

"من عرف الله سار، ومن سار طار، ومن طار حار". عجيل المقدسي.

السبت، 15 نوفمبر 2014

أنسنة الأسير الفلسطيني/يوسف الشرقاوي


الكاتب كتب هواه مدينة القدس. حاول أنسنة المعتقل، بقوته وضعفه، وبذلك أعاد الأمور إلى نصابها الصحيح، لأن الحديث اليوم عن المعتقل اقرب الى التغني والشعر واللاموضوعية، فما أسهل اطلاق الأوصاف على ما يؤلمنا.

هنا الأنسنة تفيد المعتقل برسم صورة حقيقية وواقعية عنه، كي لا يُصدم أو نصدم عندما تشوب تصرفات هذا المعتقل اي شائبة. 

ما يميّر الرواية "المسكوبية" ان الراوي اغترف ببراعة "عينة" من العالم السفليّ لمدينة القدس، وسلط الضوء على هؤلاء الأشخاص، سواء في حياتهم اليومية المعتادة، أو داخل السجن، ولا أقول هنا انه من الصعب الجمع ما بين الحكايات اليومية ولو كانت عابرة وبسيطة، لشخوص الحكاية، بل الصعب هو في اخراج الحكاية بلغة مشوقة متجددة بعيدا عن التكرار، وهنا باعتقادي ان الراوي قد ابدع.

وفق الراوي في استحضار معلم تاريخي: مبنى "المسكوبية" لمدينة القدس وايضا في تكثيف تاريخ مدينة القدس، تأريخ ازقتها، وزواريبها، وبلاط ازقتها، وكنائسها، ومساجدها، وزواياها، ومعالمها، وشخوصها، وغزاتها، وابطالها، من خلال سرد مشوق. عتبر رواية مكان وزمان في آن واحد معاً.

المسكوبية السجن والمعتقل المعلم الروسي الذي حوله الانتداب ومن ورثهم الى باستيل ،ساديّ بشع، كأنه اكاديمية  لتعليم فنون التعذيب وقسوة الانسان على اخيه الانسان.

اضاء على شخصيات فلسطينية وعربية، ثقافية، سياسية، نقابية، شخصيات مؤرخة، انت غائبة عنا: أكرم زعيتر، الجزائري محمود الأطرش، عجاج نويهض، اللبناني حسن ملك، والمفكر جبرا نقولا.

يدخلك الراوي إلى مبنى المسكوبية بأسلوب مشوق، تاريخ بناء المعلم، الزنازين، الغرف، ذكريات التحقيق، التعذيب، الاعتقال، والمحققين، وجمع ما بين تكثيف التاريخ وقوة التوثيق بتصالح العقل مع اللسان. القدس فيها لغات أهل الأرض قاطبة.

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق