تحت شمس قائظة، في
مقبرة قرية عورتا، إلى الجنوب الشرقي من مدينة نابلس على بعد 8 كم، وقف رئيس
المحلي في القرية سامي عواد، مع مجموعة من الأشخاص، يراقبون عمل الحفارة (باجر) في
قطعة أرض بجوار مقبرة القرية.
وجود عواد، والعمال،
ومندوب عن دائرة الآثار في نابلس، في مثل هذه الظروف القائظة، دفعه هدف ملح. قال
عواد لمراسلنا، بأنه تقرر بناء مدرسة في الموقع، لتخدم طلبة القرية التي تمنع
سلطات الاحتلال، استغلال مئات الدونمات من الأراضي التابعة لها، وان ما يجري هو
حفر استكشافي لوجود آثار في الموقع.
عمل الحفارة فيما بدا
انها معصرة قديمة حُفرت في الصخور، بدا غريبا، لان استخدام الحفارة سيرفع من
احتمال تدمير الآثار المتوقع العثور عليها، وان الأسلم، كما لاحظ يعقوب الأطرش
الذي وصل عورتا، في رحلة استكشافية ومعرفية لمعالمها، هو إزالة الأتربة بواسطة
الفؤوس.
لا يبعد موقع الحفر
كثيرا عن أحد المقامات التي اشتهرت بها عورتا، والمستهدفة من قبل المستوطنين
اليهود، الذين نسبوها لشخصيات في العهد القديم، وهو مؤشر آخر، على ظروف العمل
الصعبة لدى المجلس المحلي، وتضييق الخيارات في اختيار مواقع لبناء مؤسسات خدماتية لأهالي
القرية.
أهمية الاستعجال في
بناء المدرسة هو ما دفع رئيس المجلس ومساعدوه، لتحمل الشمس الحارقة، بدون أية
استعدادت، سوى محاولة التغلب على الحرارة المرتفعة، بتناول المشروبات الغازية،
التي أحضرها، مبردة، موظف في المجلس البلدي، عبر دراجته الكهربائية، من ثلاجة
المجلس.
في حين واصل معاذ
جبارة، مندوب دائرة الآثار الفلسطينية الانتباه لعمل الحفارة والعمال، وشرح طبيعة
العمل الاستكشافي في الموقع، الذي يتم بعد تقديم المجلس القروي في عورتا، لترخيص
بناء مدرسة، وهو الإجراء المتبع في حالة وجود شكوك أو معطيات حول ان الموقع الذي
سيتم فيه البناء، يقع في منطقة أثرية.
قال أحد الحضور:
"لوّ انه سيُمنع البناء في موقع يوجد فيه معصرة، لما ارتفع أي بناء في
فلسطين"، في إشارة إلى ما يعتبرها العوائق الأثرية، التي قد تحول دون حركة
البناء.
ولم يبدِ الحضور
تعليقات حول ملاحظة قيلت بأنه من المفترض، ان يتم تنخيل التراب في الحفريات الأثرية،
لأهمية فلسطين الحضارية والتاريخية.
طلب جبارة، المشرف
على الحفرية، الممولة من المجلس القروي، الانتباه، عندما تبين ما يمكن اعتباره
جزءً من حوض معصرة، وقد تضرر جزئيا على الأقل، وهو ما يمكن أن يعتبره من يرفضون إجراء
مثل هذه الحفريات بواسطة الحفارات الآلية، دليلا على التدمير الذي تتعرض له الآثار
الفلسطينية، نتيجة العجلة، وقلة الحيلة، وعدم ترسخ ثقافة الاهتمام بالآثار في الأراضي
المحتلة.
ما هو مصير المعصرة
التي سيكشف عنها؟ من الصعب تحديد ذلك، وربما زيارة الموقع لاحقا من قبل صحافيين أو
مهتمين، ستكون ضرورية لمعرفة ذلك.
يعقوب الأطرش أبدى
مخاوفه: "حتى بعد كشف المعصرة وتنظيفها، ستظل بلا حماية، وعرضة للتدمير من
قبل المنقبين غير الشرعيين عن الآثار، أو من نتيجة الإهمال وعدم الحماية".
في مواقع كثيرة في عورتا،
وفي زمن الاحتلال الطويل، شهد يوم أمس الاثنين، كشف جزئي، عن منشأة بناها أسلاف
الفلسطينيين الحاليين، الذين يعملون في ظروف صعبة، بقيت رابضة في مكانها أكثر من
1400 عام على الأقل، ولكن لحق بها تدمير جزئي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق