وسط المساحات الممتدة
في وادي الشعير، القريب من محطة المسعودية، التابعة لقرية برقة التي تبعد 18 كلم
شمال غرب نابلس، يظهر بناء حجري مهيب يرتفع نحو ثمانية أمتار، استخدم كطاحونة
للقمح والشعير.
يقول الشاب أحمد
صلاح، الذي يمضي معظم وقته في المنطقة، بان هذه الطاحونة، تسمى لدى الأهالي (بابور
السهل)، وبنيت من قبل أحد أعيان نابلس واسمه شاش باشا عام 1883م.
وعملت الطاحونة، كما
يقول صلاح، بواسطة الثيران، ويبدو انه في مرحلة لاحقة استخدمت المياه من خلال بئر
جُرت إليها المياه من عين هارون في قرية الناقورة القريبة.
وليس أكثر أهمية من
هذا الموقع لإقامة طاحونة للحبوب، فوادي الشعير اكتسب اسمه، من زارعة الشعير
والقمح الكثيفة فيه، والمستمرة حتى الان، وبسبب موقعه الاستراتيجي، ارتبط بجزء مهم
من تاريخ فلسطين السياسي والاجتماعي، خلال الحروب الأهلية بين صفي قيس ويمن،
للسيطرة عليه.
لبابور السهل مدخل
مهيب مرتفع، يسمح بدخول الجمال المحملة بالحبوب، وفي داخله تظهر بقايا صوامع
محفورة في الأرض، لتخزين الحبوب، ولكن بسبب تأثير عوامل الزمن، وتهدم أجزاء من
المبنى، من الصعب الوقوف على حجمها الحقيقي الذي يعكس إقبال الفلاحين على طحن
حبوبهم في هذا الموقع.
وقرب المدخل يوجد
بقايا غرفة استخدمت من قبل العمال والحراس، وبجانب المبنى، يوجد مبنى أخر استخدم
كمسجد، خدم على الأرجح، عمال وزبائن بابور السهل، الذي يعاني الان من إهمال كبير،
وتعرضت بعض موجوداته للسرقة مثل حجري رحى كبيرين، ويرجح أحمد صلاح ان ذلك تم خلال
تسعينات القرن الماضي.
يقول صلاح، بأنه يبدي
اهتماما بأمر المبنى منذ عام 1995م، والغريب، أن لا احد يهتم به، وبوجوده، حتى انه
لم يظهر من يدعي ملكيته، وعدم الاهتمام بالمبنى، الذي يصفه صلاح بالنادر، سيؤدي في
النهاية إلى سقوطه، أو إسقاطه.
ويتعرض المبنى، إلى
عبث لصوص الآثار ويمكن الوقوف على ذلك من التدمير والحفر بحثا عن دفائن، وأبرز
مثال على ذلك يمكن رؤيته داخل المسجد، حيث تم تحطيم المحراب، لمعرفة ما يوجد خلفه وأسفله.
يبعد بابور السهل نحو
كلم واحد عن محطة المسعودية، التي يوجد فيها بقايا خط سكة حديد عثمانية-بريطانية،
تم تحويلها إلى حديقة ومتنزه، ونحو 3 كلم عن قرية برقة، ويطالب صلاح، بإجراء ترميم
لبابور السهل، ووضعه على الخرائط السياحية، ومن أجل ذلك توجه لبلدية برقة، ويوجه
نداءا عبر هذه الصحيفة إلى وزارة السياحة والآثار للاطلاع بمسؤوليتها تجاه هذا
المعلم الأثري الهام.
بالقرب من المبنى،
توقف أحمد صلاح، وأشار إلى بقايا شجرة ضخمة، قائلا: "كانت هنا شجرة خروب
ضخمة، اقدر عمرها ما بين 100-150 سنة، ارتبطت على الأرجح بابور السهل، وجئت في أحد
الأيام إلى هنا ووجدت بعض المخربين يعملون على قطعها، ورغم انني طلبت منهم التوقف،
إلا انهم لم يستجيبوا، وقطعوها".
بابور السهل، يقاوم
الزمن وحيدا، في وادي الشعير، ويحاول رفيقه أحمد صلاح، بذلك كل جهد من لإنقاذه من
مصير محتوم، إن لم يحدث أي تحرك.
روعه
ردحذف