يستعيد معرض مصور
بطول 5 كلم، قصص سكة الحديد، والقطارات في فلسطين، منذ العهد العثماني، وحتى
الاحتلال الإسرائيلي.
ويمتد المعرض، على
طول مسار سكة الحديد، من محطة قدس شريف في الطالبية، الحي المقدسي المحتل منذ عام
1940، وحتى قرية المالحة، حيث موقع محطة القدس للقطار المتجه إلى يافا.
ومن بين خطوط سكة
الحديد، التي يذكرها المعرض، خط سكة حديد خفيفة، يبدو مجهولا لكثيرين، وهو الذي
ربط بين مدينة القدس- البيرة في ظروف فلسطين تحت الاحتلال البريطاني الجديد.
والذي مد هذه السكة،
هو الجنرال البريطاني المنتصر اللنبي، في عام 1918، من محطة قدس شريف العثمانية،
إلى مدينة البيرة، والهدف منها، توفير الإمدادات للجيش البريطاني، في نهاية الحرب
العالمية الأولى في فلسطين، وبلاد الشام.
يذكر المؤرخ الدكتور
جوني منصور، ان الجيش التركي، المدعوم بقوات ألمانية، قطع طريق الإمدادات عن القدس
من الجهات المختلفة ما عدا الشمالية، لذلك وجد الإنجليز منفذا لتزويد جيوشهم
بالمؤن والحاجات الضرورية عن طريق البيرة - رام الله.
ولجأ اللنبي إلى مد
سكة الحديد، باتجاه الشمال نحو البيرة، لان الجيش البريطاني، لم يكن بإمكانه "استخدام الطريق البري بين القدس والبيرة
– رام الله ونابلس بسبب سوء بنيته التحتية وعدم قدرة هذه الطريق على تحمل نقليات
عسكرية تقدر بمئات آلاف الأطنان- حسب منصور.
ولان خط سكة الحديد
هذه، مد بشكل طارئ، فلم يكن عرضه وفقا للمقاييس التي استخدمت في بناء خطوط سكة
الحديد في فلسطين، حيث بلغ عرضه 60 سم فقط.
يقول منصور:
"سبب اعتماد هذا القياس الضيق والغريب هو حاجة الجيش الانجليزي إلى تزويد
كتائبه بالمؤن بسرعة فائقة، ولأن المنطقة جبلية ومتعرجة. وهذا العرض يسهل عملية مد
الخطوط الحديدية. من جهة أخرى، فإن تكلفة مد الخط أرخص من الناحية المالية.
واستعان الإنجليز بالخطوط الحديدية التركية التي تم تفكيكها من سيناء ودير البلح
وجوار غزة".
وحسب منصور، بدأ
الإنجليز بأعمال الإنشاء والمد في 20 أيار 1918، وأنجز العمل نهائيا في 31 تموز
1918 في بلدة البيرة. وبلغ طول هذا الخط حوالي 30 كم. وأعلى نقطة وصلت إليها السكة
في هذا الخط كانت على ارتفاع 850 مترا فوق سطح البحر.
دخل اللنبي مدينة
القدس يوم 11-12-1917، بعد هزيمة الأتراك، الذين امضوا في المدينة 400 سنة، وكان
عليه بعد خمسة أشهر البدء في مد سكة حديد القدس- البيرة.
يقول منصور:
"تولى هذا المشروع من بدايته إلى نهايته القائد العسكري الإنجليزي جوردان بل.
وقام بالعمل في مد الخط قرابة 350 عسكريا من الجيش الانجليزي، خاصة الفرقة
العسكرية التي قدمت من مصر، و250 عاملا عربيا، وعدد مشابه من الفلاحات اللواتي
عملن في نقل كميات من التراب والحجارة من مناطق مجاورة".
ويضيف: "ولما
شنت القوات البريطانية هجمات مكثفة وشديدة على الجيوش التركية في أيلول 1918، بدأت
الجيوش التركية بالتقهقر والتراجع إلى خطوط بعيدة عن منطقة القدس، وعندها لم يعد
الجيش الإنجليزي بحاجة إلى خط السكة المذكورة. بمعنى أن هذا الخط خدم الجيش الإنجليزي
قرابة أربعة شهور تقريبا. ومع مرور الزمن، أي في فترة الانتداب البريطاني ثم في
الفترة التي تلتها، أزيلت تدريجيا قضبان السكة ولم يبق لها أي ذكر".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق