أهلين

"من عرف الله سار، ومن سار طار، ومن طار حار". عجيل المقدسي.

الاثنين، 5 يونيو 2017

قط بئر السبع.. أن تكون سجينا لدى إسرائيل/سعد القرش




عبر مسافة تفضل السياسي عن الآدمي، يقف الكاتب الفلسطيني أسامة العيسة، ليرسم لوحات نابضة بالحياة، خالية من الشعارات الصارخة، في انحياز للفن الذي يؤهل رواية (قط بئر السبع) لتكون عملا إنسانيا يتجاوز حكايته وآنيته، في دلالة على نضج الرواية الفلسطينية، وترسيخ لأدب عربي في أدب السجون.
الرواية التي تصدر في سلسلة "روايات الهلال" يوم 15 يونيو 2017 قصيرة، ولكنها لا تغفل بإشارات دالة وموجزة التغريبة الفلسطينية، منذ اتفاقات الهدنة في جزيرة رودس، والتي أحدثت شرخا نفسيا داخل الأسرة الواحدة، حين ارتفعت أسيجة تقسم القرى إلى نصفين. أحدهما يتبع العدو، وصارت منطقة السياج مكانا للطقوس الاجتماعية. أمّا الذين ولدوا بعد التقسيم، وحلم آباؤهم بالعودة إلى قراهم بعد تحريرها قد وصلوا إلى فلسطين أسرى نزلاء معتقلات الاحتلال.
المأساة الفلسطينية قدر يلاحق أجيالها حتى الذين لم يشهدوا النكبة (1948) مثل إبراهيم البِسة، بطل الراوية، سيجد شماتة برموز المقاومة "خلي الشقيري ينفعكم"، وتغيبه الطرق الموحشة بين مدن فلسطينية يتسلل إليها من الأردن وسوريا، إلى أن يصبح نزيل سجن بئر السبع، وينفعه رصيده السابق من ألفة السجون، وتكون الحكايات عزاء للمعتقلين، والأهم من الحكاية هو كيف تحكى، ثم تعاد حكايتها بطرق متجددة.
الرواية تدور في نهاية السبعينات تؤنسن العدو، فليس اليهودي هو ذلك الكائن الخرافي غير القابل للهزيمة، ولكنه مهزوم نفسيا، ولديه عقد تدفعه للمزيد من السادية خصوصا لو كان من أصل عربي مثل "آشر" أو أشرف اليهودي العراقي الذي تؤرقه هو وإدارة السجن قط تسلل إلى زنزانة في صحراء النقب، فينضم إلى الأسرى الذين يكتشفون ذكاءه، ويكتسب مهارات نقل الرسائل بين نزلاء الغرف، وإلى خارج أسوار السجن، كما يساعدهم في تنظيم إضراب عن الطعام، فتلاحقه إدارة سجن الاحتلال حتى تقضي عليه، إنهاء لخطورته على الأمن داخل السجن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق