مريم العذراء: أمومة كونية فريدة

تتبع الباحثة ايتسل ماي هرل، في كتابها (مريم العذراء في الفن)، صور مريم العذراء في لوحات لفنانين عالميين، الذين راوا فيها رمزا لمعان عديدة.

وصدرت الترجمة العربية من الكتاب، هذا الشهر، ضمن سلسلة كتاب اليوم المصرية، بترجمة الحسين خضيري، ويأتي صدور الكتاب، متناسبا مع الاحتفالات بأعياد الميلاد، وهو ما قصده الناشر، كما تقول رئيسة تحرير السلسلة ثناء ابو الحمد، وذلك" تحية لكل الاخوة المسيحيين" المحتفلين بالأعياد.

ويقول المترجم: "قليلات هن اللواتي عن جدارة، دخلن إلى محراب الفن ولم يخرجن وما زلن يجبن القفار الفنية والقرائح الأدبية لينثرن فيها نضارتهن وعبقهن وفتنتهن بل وقداستهن. لطالما الهمت السيدة العذراء فناني وشعراء وكتاب العالم، وكانت وما تزال نبع الهامهم والافق الرحب الذي يسع أحلامهم وآمالهم وانكساراتهم وآلامهم".

وتؤكد هرل، بان العذراء دخلت إلى الفن منذ ما يزيد على ستة عشر قرنا، كملهمة للأمومة وام مقدسة، وحاولت الاجابة على سؤال: كيف تم تقديم العذراء كأم وعلاقتها بطفلها؟.

وتقر الباحثة، بانها اختارت البحث في الصور المثالية والتعبدية للعذراء والطفل الرضيع، بعيدا عن الاعمال العظيمة والهائلة للسيدة العذراء.

وتفسر استمرار العذراء، كموضوع للفن، طوال القرون الماضية: "العذراء صنف كوني من الامومة، انه موضوع يناشد كل أنماط الناس واحوالهم، فليس ثمة من يجهله إلى يستعصي غليه فهمه، وليس ثمة حكيم تتفوق حكمته على هذا السحر، فالطفل الصغير يسهل عليه تقدير هذا تماما مثلما يسهل على الرجل المسن وكلاهما على حد سواء، ينجذب اليه بعامل جدي لا يقاوم".

ورغم تنوع وثراء الأعمال الفنية التي تناولت العذراء، مما يصعب البحث، الا ان هرل حاولت التغلب على ذلك مستعينة بالمنهج التاريخي لتحديد الفترات التي تم فيها رسم الصور على نحو طبيعي، والنقد بواسطة المدارس الفنية، بالإضافة إلى الاساليب العلمية.

وتحدد خمسة انماط قدمت بها صورة العذراء: بورتريه العذراء: ملامح نصف طولية تجاه خلفية غامضة، وتنصيب العذراء: حيث الخلفية عرش إلى منصة عروس، والعذراء في السماء: ملامح يمثلها مجد الضياء بواسطة الغيوم وصحبة من الملائكة إلى بارتفاع بسيط فوق الأرض، والعذراء الريفية مع منظر طبيعي في الخلفية، والعذراء في بيئة منزلية والخلفية داخلية.

وترصد الباحثة ثلاثة أنماط تتعلق بجوانب الامومة التي تبدو في صور العذراء وتشمل الموضوعات التالية: عذراء الحب وتجسد علاقة الامومة الخالصة، وعذراء العشق وتتمثل في سلوك الام المتواضع وهي تفكر في طفلها بذهول، والعذراء كشاهدة: والتي تكون فيها ام المسيح على نحو بارز وحلوها اوسمة المجد لفخرها كونها شاهدة على مأساة ابنها المسيح.

وتتوقف الباحثة عند صورة العذراء (الام الاكثر حنوا) وهي تابعة لطفلها مستغرقة فيه. وسحر الطفولة يفوق جمالها، مشيرة إلى ان الجانب الديني لأمومة العذراء هو أول الجوانب التي عولجت في الفن".

تستنتج الباحثة: "اولى صور العذراء التي عرفناها هي البورتريهات، وقد كانت بيزنطية إلى يونانية، وقد جلبت إلى روما والامبراطورية الغربية من اسطنبول، بيزنطة القديمة، عاصمة الامبراطورية الشرقية، حيث انبثقت مدرسة جديدة للفن المسيحي من اليونان القديمة".

ومن يومها، والعذراء، التي ظهرت في فلسطين، تثير شغف كبار الفنانين أمثال رفائيل، وجاكوبو بيللينى، ومايكل انجلو، وبيروجينو، وعشرات غيرهم، تنتشر اعمالهم في أهم المتاحف في العالم.

هل كانت العذراء، ابنة هذه الارض، مؤثرة في اعمال الفنانين الفلسطينيين والعرب؟ سؤال يحتاج الى بحث.