أهلين

"من عرف الله سار، ومن سار طار، ومن طار حار". عجيل المقدسي.

الجمعة، 18 يناير 2013

أساطير الأنبياء في حلحول

اكثر النظريات، في تفسير اسم مدينة حلحول، شمال الخليل، رواجا، تلك التي تربطها بالنبي يونس، عليه السلام، حيث حلّ حولاّ في المدينة، فأصبحت حلحول، وفي اعلى منطقة في الهضبة الفلسطينية الوسطى، ينتصب مسجد النبي يونس على ارتفاع 1027 مترا.

وتحمل العديد من المناطق وخرب مدينة حلحول، الممتدة، ذكريات عن النبي يونس، منها عين القعيدة، في وادي عين القعيدة، وهي عبارة عن عين تنبع من الارض...، على حافة الجبال الجنوبية للوادي، وجرى لها في وقت ما عملية ترميم وتحديث.

وترتبط عين القعيدة، بالنسبة للعديد من الاهالي، بحكاية تتعلق بالنبي يونس، ويقال بانه عندما قذفه الحوت من بطنه، وجد نفسه عند هذه العين، فقعد واستراح، فسميت القعيدة.

وبعد السير وادي القعيدة، الاسر بجماله، صعودا، يمكن التوقف عند عين اخرى من العيون المنتشرة في الوادي، تسمى (عين أبو جبيرة) وهي تقع في خربة اصحا، وتستخدم الان من قبل احدى العائلات. لري بساتين، معتنى بها جيدا.

ويروي السكان، بان النبي يونس، عندما استراح عند عين قعيدة، لم يكن مستيقظا كفاية، فاكمل طريقه الى عين ابو جبيرة، وهناك صحي، أي استيقظ، وهذا سبب الخربة لاتي تقع فيها هذه العين بخربة اصحا.

تتحدث مصادر عن اصول الكثير من اهالي حلحول العراقية، وفي الموصل، في شمال العراق، يوجد مقام شهير للنبي يونس. هل نقل اهالي حلحول بعض تقاليدهم “العراقية” الى فلسطين؟.

وليس فقط النبي يونس، هو من يحظى باهتمام اهالي حلحول، ولكن ايضا النبي ايوب، الذي يحظى بمكانة مهمة في ميثولوجيا حلحول المحلية، متمثلة بعين ايوب، التي تحمل اسم أحد الأنبياء الذي ارتبط اسمه بعدد من الينابيع والآبار والعيون، في فلسطين، والتي أسبغت عليها الكثير من القداسة في الموروث الشعبي.

وتنبع هذه العين من وسط مرتفع جبلي، وتنساب في نفق على شكل قناة مبنية من الحجارة، ومغطاة، بطول نحو عشرة امتار، لا تظهر تضاريسها على السطح، لتصل إلى المصب، وهو عبارة عن مسطح صخري صغير، تظهر عليه نتوءات وجد المواطنون المحليون تفسيرات لها منذ زمن لا يمكن تحديده، وأولها المِكر الصغير الذي تتجمع فيه المياه، وهو كما يظهر عبارة عن تجويف حدث بفعل العوامل الطبيعية، ويُعَرّف بأنه رأس النبي أيوب، وأمامه نتوء صغير يُعرّف بأنه عصا النبي أيوب، وبالقرب منه، تجويف يشبه آثار قدم، يُعرّف بأنه آثار رجل النبي ايوب.

وفي الموروث الشعبي الفلسطيني، توجد أماكن كثيرة، مرتبطة ببصمات للأنبياء أو الأولياء، على الصخور، مثل آثار الأيدي، والرؤوس، والأقدام وغيرها.

وتحظى هذه العين بشهرة، لاعتقادات تتعلق بقدرة مياهها على الشفاء من الأمراض الجلدية، مثل الصدفية، والجدري، باعتبار أنها ساهمت في شفاء النبي أيوب نفسه من أمراضه المتعددة التي تحدثت عنها القصص الدينية.

ويأتي إلى العين أناس من مختلف المناطق الفلسطينية، لاستغلال ما يعتقدونه من ميزات شفائية لمائها، فيغتسلون بها، وليس من النادر، رؤية بعضهم، وهو يضع غطاء على موقع العين، عادة ما يكون شادرا، لكي يتمكن المريض أو المريضة من الاستحمام بماء العين، بعيدا عن أعين المتلصصين.

ويعتقد البعض، بان اغتسال المريض بالجدري بماء هذه العين، لا يضمن الشفاء فقط، بل عدم الإصابة بهذا المرض إطلاقا.

وتقع هذه العين، في منطقة زراعية، ولكنها تشهد نموا عمرانيا ملحوظا، وان كان ليس كبيرا، أدى إلى بناء مسجد في المنطقة عام 2000، أطلق عليه اسم مسجد النبي أيوب.

وبناء المسجد، ليس التطور الوحيد الذي حدث في المكان، فبعد إغلاق شارع القدس-الخليل، المؤدي إلى حلحول، من قبل سلطات الاحتلال، تم افتتاح طريق آخر التفافي، تبعد العين عنه نحو 50 مترا، وهي في مرمى، برج عسكري إسرائيلي، نصب على جبل مرتفع يدعى (الجمجمة) يطل على الشارع الالتفافي، وبلدة حلحول، وأجزاء من بلدتي سعير، وبيت أمر.

وذكر رائد البحث الفلكلوري الفلسطيني توفيق كنعان، بان الينابيع المتعددة التي يعتقد الفلسطينيون بان النبي أيوب قد استحم فيها وشفي من مرضه كانت لا تزال تستعمل لدى وضعه كتابه عام 1927، ومنها مثلا: حمام الشفا في القدس، وبئر أيوب في سلوان، وعين النبي أيوب في راس ابن سمحان (راس كركر حاليا)، وعين النبي أيوب في خربثا، وعين النبي أيوب وبئر أيوب في دير أيوب، وعين أيوب شرق خربثا.

ويذكر بان أهل غزة يعتقدون بان النبي أيوب: “قد شفي تماما عندما استحم بمياه البحر يوم الأربعاء الذي يسبق عيد الفصح اليوناني، ويسمى أربعة أيوب أو ابرية أيوب، وفي يوم الأربعاء المذكور يتم إحضار كل الغنم المصابة بالمرض إلى البحر لتغسل”.

ولا شك انه يقصد بعيد الفصح اليوناني، عيد الفصح لدى الأرثوذكس، وهم في فلسطين أغلبيتهم من العرب، ولكن تسيطر الأقلية اليونانية من رجال الدين على مقدرات طائفتهم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق