صدر حديثا عن دار الأركان للإنتاج والنشر كتاب: "قرية شعب- آثار ظاهرة وتاريخ مفقود" من تأليف عاطف محمد عزايزة. وتقديم الكاتب سلمان ناطور. ويأتي الكتاب في 128 صفحة من القطع المتوسط مستعرضا تاريخ القرية عبر أكثر من1000 سنة، مرورا بنكبة 1948 ووصولا الى عام 1965.
حول الكتاب، يقول عزايزة: "إن الكتاب هو ثمرة جهد بحثي أكاديمي امتد لأكثر من عامين. ورغم وجود عدد من الكتب التي استعرضت تاريخ هذه القرية الجليلية، لكنها تناولت في الغالب حقبة تاريخية محدّدة، ولم يتطرق الدارسون من خلالها الى جوانب اجتماعية اقتصادية سياسية بارزة، مع أننا نعلم بأن القرية شهدت تغيّرات جمّة وفي شتى الميادين والمجالات عبر مرّ العصور، وخصوصا في العام1948".
وحول قيمة وأهمية الكتاب، يضيف عزايزة: "ان الكتاب يهدف إلى تعريف الناس بتاريخ هذه القرية بشكل يتَّسم بالشمولية والموضوعية. وما يميِّز الدراسة أنها تسلط الضوء وتبحث في أعماق نحو1000 سنة من تاريخ هذه القرية، كما أنها ستضيف معلومات جديدة، تنشر لأول مرة، في دراسة تاريخية!".
الكتاب يتضمن نحو 12 جدولا، من أبرزها جدول رقم 3، المتعلق بتطور ونمو سكان قرية شعب وقرى المنطقة المجاورة إبان الأعوام 1859 م، و1875 م، و1908م، و1945 م و 1950 م. ومن ابرز جداول الكتاب الجدول رقم 10 المتعلق بعدد سكان وبيوت أقضية فلسطين عام 1931م.
بالإضافة لذلك، يتضمن الكتاب نحو 17 خريطة من ابرزها الخريطة رقم 14 المتعلقة بمناطق فلسطين الشمالية والتي رسمها المهندس الفرنسي م. جاكوتين عام 1801م، وذلك على اثر حصار نابليون بونابرت لمدينة عكا في تلك الفترة.
من ابرز الفقرات المؤثرة في الكتاب هي تلك المتعلقة بسكان قريتي كراد البقارة والغنامة وهم السكان العرب الذين رحلتهم السلطات الإسرائيلية الى قرية شعب عام 1951 م، وذلك على أثر قيام اسرائيل بتجفيف بحيرة الحولة، حيث يتساءل المؤلف في الكتاب: "هل سيطالبون صناع القرار بالعودة الى قريتيهم الواقعتين بمنطقة كان أقل ما يقال عنها أنها منطقة جبهة قتال أمامية، حيث كان لا يدري احدهم فيها في اي ساعة من ليل او نهار قد يفاجئه فيها الموت ..؟!"، ويضيف المؤلف: "بالنسبة لسكان قريتي كراد البقارة والغنامة فقد ظل يسود الاعتقاد لديهم، أنه وعلى الرغم من رائحة الموت التي اعتادوا على شمها هناك في منطقة سكناهم السابقة، وعلى الرغم من مشاهدتهم في تلك المنطقة، لجثث عشرات الجنود التي كانت ملقاة بمحيط القريتين، وعلى الرغم من وجود الألغام التي ظل البعض منها مدفونا بمحيط قريتيهم منذ فترة الحرب، حيث كانت تفعل تلك الألغام في حينه الأعاجيب بأطفالهم، حيث انها كانت تمزقهم الى اشلاء، يلملمونها ويدفنونها، ثم يصبرون على قضاء الله ثم كانوا يعودون لمزاولة اعمالهم الطبيعية، انه على الرغم من ذلك كله فقد ظل الحلم يراودهم بالعودة الى قريتيهم كراد البقارة والغنامة".
ومن اجمل المواضيع التي تعاطى معها الكاتب (اسطورة بنات العين سبعة)، والذي يعتبر بمثابة عمل أدبي.
وفي معرض تقديمه للكتاب، يقول الكاتب سلمان ناطور: "تأخرنا كثيرا في الالتفات إلى أهمية تدوين التاريخ كتابيا وشفويا. أهملنا أرشيفنا، استصغرنا حكايتنا، تنازلنا عن آثارنا، اعتمدنا على الغير ووصلت بنا حالة القنوط من أنفسنا إلى التنكر لماضينا خشية أن تديننا الهزيمة، كأننا بهذا "ننفض زيقنا" منها ونضع وزرها كله على الآخرين. السنوات الأخيرة تشهد يقظة على تاريخنا. نحاول سد الفراغ وبناء مشروعنا الوطني لصياغة رواية تكون هي روايتنا لننشرها على الملأ المسكون بأساطير الرواية الصهيونية. نكتب تاريخنا لا للمعرفة فقط بل لننتصر في معركة البقاء على الأرض وفي الوطن، بشروط الكتابة العلمية الصحيحة والدقيقة والراقية".
ويضيف: "يأتي كتاب الأستاذ عاطف عزايزة "قرية شعب، آثار ظاهرة وتاريخ مفقود" عن قريته، إضافة نوعية لهذه اليقظة وهذا الشكل من التاريخة، غير الحيادية، لكن العلمية المدعّمة بالوثائق والشهادات، وهو في مجمل الأمر ليس كتابا حصريا عن قرية فلسطينية بل مثالا للقرية الفلسطينية التي انتكبت عام1948 وتعرضت للمسح التام أو لمحو الآثار وفقد التاريخ. يبدو واضحا أن الأستاذ عاطف بذل جهدا عظيما في البحث والدراسة ليصدر كتابا له قيمته التاريخية والعلمية والوطنية أيضا ولو كثرت الكتب المماثلة عن قرانا ومدننا، ماضيها وحاضرها، لأصبحنا: كما ينبغي أن نكون، نكتب لتاريخ ظاهر عن آثار مفقودة".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق