أهلين

"من عرف الله سار، ومن سار طار، ومن طار حار". عجيل المقدسي.

الاثنين، 29 أبريل 2019

تنهيدة حزينة على حرب هزم جنودها دون أن يحاربوا /سارة زكريا



شخصية الفلسطيني المقهور المرسومة بفرشاة يملؤها دم جرح لم يفتأ يلتئم حتى يعاد فتحه مرة أخرى بطريقة أكثر بشاعة من التي سبقتها .
أحداث النكسة التي جاءت كحالة ثأر للجرح الأول "النكبة" كانت الفترة الزمنية التي تروى بها أحداث الرواية.
جندي جندته قيادات لا يعرف عن خطتها شيئا، ولا عن حربها مغزى ولا يمتلك حتى حق التفكير في معنى التحركات و التوجيهات على أرض معركتها، حالة من العمى والطرش والانقياد العاطفي وراء فكرة (لا يحرث الأرض إلا عجولها) ، صنعت في نهاية النهايات جنديا مهزوما يبكي على الضفة الشرقية لنهر طالما وجب عدم المزاح معه و هو نهر الأردن، الذي بعبوره إنهارت سلسلة الصمود و العزيمة و التشبت والآمال الوردية بتحرير البلاد و أضحي سلسلة مسامات وهزائم و هروب لم تنته حتى اليوم.
تمنيت خلال قرائتي لو أن الكاتب أرفق خريطة توضيحية لأسماء العيون و الأنهار والجسور والقرى التي ذكرها على ضفتي النهر، فالكاتب باتساع إطلاعه الجغرافي و معرفته بقرية إرطاس التي هي محور الحديث الأساسي و ما يجاورها من القرى والجسور والبرك، كأنه دليل سياحي حذق يربط أسماء المظاهر الجغرافية بتاريخ مر أو بإشارة تحاول معالم الأرض المقدسة و آثارها و ثمارها و مجاري مياهها أن تهمسه في آذان من يردد اسمها، يشدك لتتعرف على تلك البقعة من العالم التي تركت في روح هؤلاء الجنود هذا الجرح الدامي الباعث على العويل كالنساء، وفي أعماق روحه فجوة مليئة بالتساؤل والخيرة والعار بمجرد عبور جسر !
سماها أسامة العيسة تباريح جندي لم يحارب ليترك في روح قراء روايته تنهيدة حزينة على حرب هزم جنودها دون أن يحاربوا، وأعلنوا الإنسحاب دونما بنادق توجه إلى رؤوسهم وصدورهم.
فعل الفرار و الإنسحاب والعار في أرواح الجنود ما لم يفعله الرصاص والحرب، هنا فقط يصبح الرصاص أرفق بقلب الجندي من أي سلاح آخر، وتصبح تباريح الألم أقل وطئا من تباريح الخيبة!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق