أهلين

"من عرف الله سار، ومن سار طار، ومن طار حار". عجيل المقدسي.

الثلاثاء، 12 أغسطس 2014

كلية تراسنطا بالقدس..حكاية مدرسة نكبتها النكبة






 

يحتل مبنى كلية تراسطنا، المشهد في ساحة باريس في القدس الغربية، بزخارفه الايطالية، كواحد من المباني العديدة التي عززت التنوع الحضاري في القدس، وتدل على نهضة فلسطينية أُجهضت بفعل النكبة.

شُيد المبنى المهيب بين عامي 1924 و 1927 لجمعية سان باولو ميلانو- إيطاليا. صممه المهندس انطونيو بارلوشي، على النمط الكلاسيكي الجدد، وثراء بزخارف عصر النهضة الإيطالية.

يتميز المبنى، بهندسته غير العادية، ونمطه الأوروبي، مما جعله معلما مهما في القدس، من الصعب على الذي يمر بجانبه، ان لا يتوقف، ليتأمل.

يرتفع على سطح المبنى تمثال للسيدة العذراء، تم الكشف عنه، عام 1928، بعد عام من افتتاح المبنى، بحضور الأمير الإيطالي أمبرتو.

لم تهنأ جمعية سان باولو ميلانو، كثيرا، بالمبنى، فبعد عام واحد فقط، تم بيع المبنى لحراسة الأراضي المقدسة، بسبب المصاعب المالية التي عانت منها الجمعية الإيطالية. واستخدم  كمدرسة ثانوية للبنين بادارة الرهبان الفرنسيسكان. وأصبحت المدرسة، بسرعة، واحدة من المدارس الرائدة في القدس، من خلال ما تقدمه من مواد دراسية، وأنشطة غير منهجية، وفتحت أبوابها للطلبة من المسلمين، والمسيحيين، واليهود.

خلال الحرب العالمية الثانية، أصبحت المدرسة تعرف باسم كلية تيراسنطا، في محاولة، لعدم لفت الانتباه، لعلاقتها بإيطاليا، التي كان يحكمها الفاشيون.

لم يكن الإحراج الذي سببه انتماء المدرسة لإيطاليا، المشكلة الوحيدة التي واجهتها المدرسة، فالنكبة وجهت ضربة قاسية للكلية، التي أصبحت في القسم المحتل من القدس، والذي تم تهويده بسرعة.

في العام الدراسي 1947-1948 تم إغلاق الكلية، بسبب الوضع السياسي، ونُقل الطلاب إلى كلية تراسنطا في بيت لحم.

وتحولت المدرسة الفلسطينية، التي كانت مفتوحة لجميع الأديان، إلى مبنى للجامعة العبرية، بديلا عن الحرم الجامعي على جبل سكوبس الذي أصبح في القسم الأردني.

ولم يتمكن الرهبان الفرنسيسكان، من استعادة مبناهم، إلا في حزيران 1999. وبشكل جزئي، حيث تم تجديده ليكون نزلا للحجاج. ومقرا للمركز الثقافي التابع لحراسة الأراضي المقدسة. وكلية علم الآثار التوراتي.

للرهبان الفرنسيسكان، وجود قديم في فلسطين يعود إلى عام 1342، ولعبوا دورا في تأسيس المدارس، وخلال النصف الأول من القرن السادس عشر، افتتح الفرنسيسكان المدارس الأولى في الأرض المقدسة، أولا في بيت لحم وبعد ذلك في القدس. ولكن ظل لكلية تراسنطا وضعا خاصا.

مبنى كلبة تراسنطا، يظهر في أعمال ابداعية تشكل القدس خلفية لها، كما هو الحال في رواية (ميخائيلي) للروائي الاسرائيلي عاموس عوز، والتي ترجمت للعربية بعنوان (ميخائيل وحنه)، وتغيب كثير من معالم القدس، خصوصا القدس الجديدة التي أصبحت بعد النكبة تعرف باسم القدس الغربية، عن الأعمال الإبداعية العربية، وتفاقم ذلك، مع سعي الاحتلال إلى إخراج القدس من الحيز الذهني لأجيال من الفلسطينيين، خصوصا مع إحكام أغلاقها أمام المواطنين منذ شهر آذار 1993م.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق