أهلين

"من عرف الله سار، ومن سار طار، ومن طار حار". عجيل المقدسي.

الثلاثاء، 9 أبريل 2019

على مفرق المدرسة..!



بدون إشعار مسبق أو توقع، ينحرف سائق الحافلة، بحافلته نحو اليمين، بجانب مدرسة زكريا، التي ما زالت صامدة بحجارتها المصفرة، منذ غادرها طلبتها، إلى الشتات دون رجعة.
إلى أين سيتجه سائق الحافلة؟ وتأتي الإجابة بعد لحظات، عندما ينحرف إلى اليسار، ويصبح في محطة الوقود، وأجد نفسي أنظر إلى المدرسة التي درس فيها أسلافي، ولو لم يحدث ما حدث، فربما درست بها أنا أيضًا، بعد تطويرها بالطبع، وإضافة صفوف إليها، ستشوه مبناها القديم، ولكن هذا ما يحدث في ظل الإدارات النفعية، وكنّا سنعترض ونرفع الصوت عاليًا.
مدرسة زكريا الأميرية؛ هي ثمرة الاحتلال البريطاني، جاء الاحتلال وارثًا احتلالاً؛ الاحتلال العثماني الذي غادر لم يبني مدرسة في برّ القدس، والاحتلال الذي خلفه شق شوارع، وبنى مدارس، لتسهِّل على دبابته، وليرفد مؤسساته بكوادرٍ تعليمية.
لو لم يحدث ما حدث، وأنا أُحدّث المدرسة، بينما الحافلة تُعبأ بالوقود، ببنزين المحتلين الجدد الذي ورثوا احتلالاً عن احتلال، بأنني عندما أتخرج منها أو فيها، لن أنساها عندما سأكمل تعليمي وأعمل في القدس، وعلى الأرجح كنت سأظل مقيمًا في القرية قريبًا منها، في بيت ريفي، وسأذهب إلى القدس وأعود منها يوميّاً، وربما أفعل ذلك أكثر من مرة، ولن يستغرق ذلك إلّا خمسة عشرة دقيقة.
ما الذي تغير في حجارتك أيتها المدرسة، هل نفضت عنها ذكريات الطلبة وشيطنتهم؟ وإذا فعلت ذلك ماذا راكمت من ذكريات جديدة؟
هل ما زلت تذكرين، شعراء القرية الذين تخرجوا من بين جدرانك التي علاها السواد؟ وأكثرهم شهرة خليل زقطان الذي ذاع صيته في خمسينات القرن العشرين الفوّارة بعد نشره لديوانه (صوت الجياع)، وسيقول لي الدكتور زياد أبو لبن، قبل أسابيع، بأنه بصدد إصدار جديد للديوان مع تحقيق وتصويب ودراسة.
هل تذكرين يا حجارة، الشاعر فتحي الكواملة؟ الذي أصدر ديوانين؛ الأوَّل (يا رسول السلام)، وهو مدح للرسول العربي الكريم، والثاني بعنوان (البركان)، يدعو فيه للثورة والتمرد والعمل من أجل الخلاص من الأنظمة العربية، وصودر هذا الديوان من قبل السلطات الأردنية فور صدوره في القدس.
وهل ما زلت تذكرين الشاعر الذي لم يكن أقل مشاغبة من سابقه، واسمه عبد الفتاح الكواملة؟ والذي أصبح طريًدا لمعظم الأنظمة العربية بعد أن هاجم سياساتها وتآمرها على قضية فلسطين.
هل تعرفين بأن تلميذك عبد الفتاح الكواملة، عاش محرومًا تعيسًا، وأقدم على إنهاء حياته بيده عندما أطلق الرصاص على نفسه عام 1987 في مدينة إربد الأردنية؟
يا مدرستي المفترضة، ما زلت تنتظرين، وأنا مازلت أيضًا..!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق