تشكل عيون الماء
في بتير، جنوب القدس، جزءا مهما من المشهد الحضري في القرية التي أدرجت، قبل أشهر،
على قائمة التراث العالمي، بفضل عدة أمور من بينها نظام القرية المائي الذي يعود
لقرون، ولمدرجاتها الزراعية، التي رويت مزروعاتها من هذه العيون. تتناثر عيون
بتير، في مختلف أراضي القرية، بعضها مشهور، وأخرى تتوارى في أماكن يصعب الوصول
إليها، في هذا التقرير محاولة، لتسليط الضوء على المشهد الحضري في ريف القدس
الجنوبي، من خلال عيون ماء القرية الفلسطينية التي اكتسبت أهمية عالمية مع ادراجها
على قائمة التراث العالمي التابعة لليونسكو.
عين البلد
(بتير)
عين شهيرة
ومهمة، وغزيرة المياه طوال العام، تقع وسط القرية. تنبع من الجبال، وتصب من فتحتين
فيما يسميه سكان القرية (الحمّام) وهو بركة صغيرة، تشبه الكهف، قسم منها محفور في
الصخور، وقسم مبني، كان السكان يستحمون فيه، ويتوضؤون قبل أن يتوجهوا للصلاة في
المسجد المجاور.
جدد بناء العين،
وطورها، حسن مصطفى وهو أحد رجالات القرية المشهورين في عام 1950، وانشأ مبنى جميلا
صحيا لها يحميها من التلوث، ويسهل استخدامها، ويزيد الانتفاع بها.
وتنقل مياه
العين في قنوات يعود بعضها إلى العصر الروماني، وجددت في عصور لاحقة، إلى بركة متوسطة
الحجم يسبح فيها شبان القرية، ويتم استغلال مياهها في الزراعة.
والمثير في هذه
القنوات هو القنطرة التي بنيت على شكل قوس، التي تسير فوقها المياه وتصب، على شكل
شلال جميل، في البركة.
عين جامع
تعتبر هذه العين، الثانية من حيث الأهمية، في
القرية، بعد عين البلد، وتقع قبالة قرية القبو المحتلة عام 1948، في المجرى الأسفل
للوادي الذي يحمل اسم (وادي عين جامع)، ويبلغ طوله نحو 3 كلم، ويطلق عليه
الإسرائيليون اسم (بيتار)، وتقع في هذه الوادي بعض العيون، مثل عين ابسين، وعين
الهوية، وعين العمود.
وتطل العين على
الأراضي المحتلة عام 1948، وعلى سكة الحديد القدس- يافا، وعلى ما كان آخر محطة في
ريف القدس، لهذا الخط تقع في أراضي بتير.
تصب مياه العين
في بركة تقدر مساحتها 13م x13م، تعود للعهد
الروماني، وهي محفورة في الصخر، تم ترميمها في بداية القرن الواحد والعشرين،
ويستخدم الفلاحون ماءها لري الحقول المجاورة، المزروعة خصوصا بالباذنجان البتيري
المشهور، وبسبب جمال الموقع الأخاذ الذي تقع فيه، أنشأ احد أبناء القرية، متنزها
ومسبحا في المنطقة.
في زمن الانتداب
البريطاني، حُرم، أهالي بتير من مياه العين، حين وضعت القوات البريطانية، يدها على
ماء العين، وحولته، إلى محطة سكة الحديد في الوادي الآخر.
أهالي بتير لم
يستردوا عينهم إلا بعد عام 1950، حين ألغيت المحطة، بسبب ظروف ما بعد الحرب وإنشاء
إسرائيل.
الكثيرون يقدرون
ماءها، ويعتبرون «أخف» من ماء عين البلد، ومهما شرب منها العطشان فانه لا يروى،
ففي رمضان يعبئ منها الناس، لكي يشربوا على الافطار.
عين الفوار
إلى الشمال من عين جامع، وفي نهاية مجموعة من
القنوات التي تروي الأراضي الزراعية، تقع عين غير مشهورة، اسمها (عين الفوّار) -
ترشح مياهها من مقاطع حجرية وتصب في بركة صغيرة.
والعين، مملوكة
لعائلة حمّاد عوينة، وتقع في أرض العائلة، والبركة عوينة قديمة، ولكنها رممت، أحد
الفلاحين واسمه محمد موسى حماد، كان مرابطا عند هذه العين، صيفا وشتاء، ولا يعود
إلى القرية الا في المناسبات، حتى وفاته في تسعينيات القرن العشرين.
وأرسل موسى
حماد، وهو أحد ابناء بتير المغتربين في السعودية، وله ذكريات في عين الفوار، في
اواخر ثمانينيات القرن العشرين تكاليف اصلاح وترميم العين.
عين أبو الحارث
تقع هذه العين إلى الغرب من بتير، في بطن جبل،
بمحاذاة واد، وتنبع من الجبل، وتصب في بركة مستطيلة، جزؤها الشرقي محفور في الجبل،
ويحيطها سور صغير بني من الحجارة المحلية، ومنها تسير المياه في قنوات تحت الأرض
إلى بركة أخرى شبيهة بالأولى، وفي قنوات تحت الأرض أيضا تواصل سيرها إلى بركة
ثالثة، لكنها جافة، وهي أصغر من البركتين الأوليتين، ومن الواضح أن المياه كانت
تصلها عبر قنوات مغلقة، ولكنها الآن لسبب ما فان المياه تتسرب تحت الأرض ولا
تصلها.
ويمكن رؤية
المياه الجارية تحت الأرض من فتحة تهوية للقنوات المغلقة بين البركة الثانية
والثالثة، ويظهر ذلك مدى عمق هذه القنوات الذي يصل إلى نحو 6 أمتار.
عين إبْسّين
تقع عين ابسين، في جبل شمال قرية بتير، وتنبع من
صخرة ضخمة، حفرت على شكل مغارة غير مكتملة، في نهايتها نفق صغير تنبع منه المياه
من جوف الصخور.
وبنيت حول العين
بركة، لحفظ المياه، التي تسيل في قنوات حفرت في الصخر وأخرى، مبنية، لري البساتين
في الوادي الواقع بين قريتي حوسان وبتير.
وبجانب العين،
وعلى الصخور المجاورة حفرت الأحواض الصغيرة، لكي تشرب منها الحيوانات، ولاستخدامات
معينة، وهي الآن لا تستخدم، أما في أعلى العين من الجهة اليسرى، فحفرت فجوات، ربما
لوضع أدوات الغسيل، أو أدوات أخرى، كانت تستخدم في زمن مضى.
تشرف العين على
مناظر طبيعية خلابة، في قرى تقع غرب القدس، وعلى الوادي اسفل الجبل، وقرى وبلدات
جنوب بيت لحم والقدس.
عين العمدان
تقع عين العمدان أوّ عين أم العمدان، في منطقة
المخرور وهي تابعة لقرية بتير، تنبع من باطن جبل، وتوصل إليها مجموعة من الأنفاق
والقنوات، التي حفرت في فترات زمنية مختلفة، ويظهر على حجارتها تأثير جريان المياه
طوال سنوات لا يعرف عددها.
تغطي الأشجار
مدخل العين، وتحيط بها مثل باقي منطقة المخرور، ومن بينها أشجار زيتون معمرة،
وبلوط، وسرو، وغيرها.
تصب ماء العين
في بركة ومنها في قنوات إلى الأراضي الزراعية، وبعض هذه القنوات حفر في الصخر ورمم
في فترات مختلفة، ومنها قنوات اسمنتية. استخدام هذا العين كان مكثفا، قبل الاحتلال
عام 1967، حيث شهدت الفترة التي تلتها هجران كثير من المزارعين لأراضيهم والتحول
إلى العمل المأجور داخل إسرائيل.
عين بردمون
تقع هذه العين في منطقة المخرور، تنساب مياهها
في قناة حجرية صغيرة، ويتم تجميعها في خزان اسمنتي، تشير كتابة عليه انه بني في
عام 1965.
يعتبر اكتشاف
هذه العين حديثا رغم أنها قديمة، ووفقا لعلي محمد الزغير، فانه كان شاهدا على
اكتشاف أصحاب الأرض من عائلة عوينة، للعين، أثناء استصلاح أرضهم، حيث وجودوا قناة
حجرية يعتقد أنها رومانية، وساروا معها حتى وصلوا رأس النبع، وكان ذلك في منصف
خمسينات القرن العشرين.
قريبا من العين
يوجد ناموس محفور بعناية في الصخر، وقد يكون استخدم كقبر.
عين عطرة
تقع هذه العين في خربة (القصير) التابعة لقرية
بتير، وهي جزء من منطقة المخرور بين بتير وبيت جالا، تنبع العين من مغارة متوسطة
الحجم، ويوجد بجانبها بقايا قنوات وانفاق.
بنيت بركة من
حجارة قديمة، لتجميع مياه العين واستخدامها، للزراعة، ولكنها تتأثر بمنسوب المياه
المنخفض الان، بالقرب من خرب (القْصير) وفيها، الكثير من شقف الفخار القديم،
والحجارة المشغولة، والنواميس، التي يعتقد انها قبور رومانية قديمة. موقع العين
فوق تلة عالية يجعلها مطلة، على قرية الولجة، ومناطق اخرى من فلسطين المحتلة عام
1948، وشاهدة على التغيرات التي يشهدها راس بيت جالا، أحد اشهر الرؤوس في فلسطين،
بسبب الهجمة الاستيطانية المتسارعة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق