أهلين

"من عرف الله سار، ومن سار طار، ومن طار حار". عجيل المقدسي.

الأحد، 17 أغسطس 2014

الخروج من الشجاعية..!!


 

"سقطت سومة فاعتقدنا انها استشهدت"

أصرت صباح بكير (46 عاما)، على عدم اخلاء منزلها في حي الشجاعية، بمدينة غزة، مثل معظم أهالي الحي، الذين تحملوا طوال الليل، سقوط القذائف والصواريخ، ولكن في فجر يوم الأحد 20-7-2014، خرج الناس من منازلهم، بعد ليلة رعب لن ينسوها، يحملون الرضع، ويجرون أطفالهم، وأغراضاً قليلة اخذوها معهم في رحلة نزوح جديدة، لم يعرفوا كم ستطول هذه المرة.

تروي بكير، في شهادة لها عما حدث: "من الصعب على الانسان ان يترك منزله، ولكن كثافة النيران وقوتها طوال الليل، كان لها الأثر الحاسم، في قرارنا الخروج، اتصلنا مع الصليب الأحمر والهلال الأحمر، قيل لنا من يستطيع الهروب، فليهرب، فسرنا تحت القصف باتجاه مستشفى الشفاء، باعتباره منطقة آمنة، الحشود كانت تسير على غير هدى، لا تعرف ماذا سيحدث بعد دقائق، أو حتى ثوان، من يسقط لا يلتفت له أحد، ومن يصاب يظل على الأرض، لا يسعفه أحد، أي توقف قد يعني الموت، والسير أيضا قد يعني الموت، القذائف والشظايا والرصاص في كل مكان. ان تشعر بانك تتقدم وما زلت تسير، فهذا يعني انك لم تمت بعد".

وتضيف لـ"الحياة الجديدة": "ابنتي سومة عمرها 25 عاما، أنجبت قبل بيوم، بعملية قيصرية، هربت مع الهاربين، سقطت على الأرض وهي تحمل رضيعها، اعتقدتُ بانها استشهدت، لا أحد يدري عن الآخر، ولا يدري حتى عن نفسه، الحشود تواصل السير، وهناك من يصاب أو يستشهد، حتى وصلنا مستشفى الشفاء، تم إدخال زوجة ابني الحامل، والتي أُصيبت خلال سيرنا من جراء الشظايا، فولدت طفلها يامن، مبكرا، والذي جاء إلى الدنيا، وأمعاؤه خارج بطنه".

تحاول بكير ألا تنسى أي تفصيل من التغريبة الجديدة: "بعد أربع ساعات من وجودنا في المستشفى، لا نعرف أين نذهب، ونحاول تلقط الأخبار، علمت بان سومة لم تستشهد، كما اعتقدت. تمكنت سيارات الإسعاف من الدخول إلى المنطقة وحمل الجرحى، وكان من بينهم سومة ورضيعها، فرحت، ولا يعلم غير الله كم كانت فرحتي بنجاة سومة، لقد كتب الله لها حياة جديدة، من اجل رضيعها ومن اجلنا جميعا".

في الساعة الثالثة، تم نقل اللاجئين من مستشفى الشفاء، إلى المدارس، حيث ما زالوا يقيمون حتى الآن، ذهبت بكير وأفراد عائلتها وعددهم 28، إلى مدرسة الوكالة في تل الهوى، وكان عليها ان تعود يوميا إلى مستشفى الشفاء للاطمئنان على حفيدها يامن، فأمه مصابة وتعاني من مضاعفات الولادة المبكرة، وبعد ثمانية أيام، سلم المستشفى، يامن، لحضانة مستشفى النصر، وبعد حوالي شهر تمكنت من حمله، ونقله إلى مستشفى الكاريتاس للأطفال في بيت لحم، حيث ادلت بشهادتها عن فجر الشجاعية الدامي لمراسلنا.

تتشوق بكير، للعودة إلى غزة للانضمام لعائلتها في مدرسة الايواء، وعن الحياة في المدرسة قالت: "في كل صف يوجد تقريبا 50 شخصا، من عائلات مختلفة، تم وضع النساء في الصفوف، أمّا بالنسبة للرجال، فينامون في الخارج، في البداية تم توزيع فراش وبطانيتين لكل عائلة، لا نسمع الأخبار، الكهرباء مقطوعة، يمضي الناس نهارهم في تلقط أخبار معارفهم وأقاربهم، هناك من يعتقد بأن امه أو اخته لجأت مع أفراد آخرين من العائلة إلى أماكن إيواء أخرى، ويكتشف ان الأم أو الأخت أو الأب أو الابن قد استشهدوا، لم تُفتح بيوت عزاء للشهداء، نتجمع أحيانا حول شخص مكلوم استشهد له قريب لنواسيه. عندما يأتي صهريج المياه، نتحرك لتعبئة المواعين بالماء، كانوا يوزعون علينا وجبات طعام".

وعندما أُعلن عن الهدنة الأولى، عادت بكير مثل الآخرين، إلى الشجاعية، لتفقد المنزل والناس: "لم يعد لنا بيت، لم يكن من الممكن تحديد حدود البيت الذي كان لنا، رائحة الجثث التي كانت لا تزال تحت الركام، تملأ المكان، هناك عائلات مُحيت عن الوجود مثل عائلتي عيّاد والبطش، 18 شخصا من عائلة عيّاد، قررت الصواريخ، افناءهم، طائرة الـ(اف 16) ضربت عائلة البطش، فقتلهم جميعا، اُريد العودة إلى غزة بأسرع وقت، لم يعد لي بيت هناك، ولكن لي عائلة".


 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق