تكتسب مذكرات
الدكتور عدنان مسودي (1944-2011) أهمية كبيرة في إلقاء الضوء على نشاط الاخوان
المسلمين ومن ثم حركة حماس في الضفة الغربية، وكشف تفاصيل عن كيفية اتخاذ القرار
في التنظيمين.
وصدرت
المذكرات عن مركز الزيتونة للدراسات والابحاث في بيروت بعنوان (إلى
المواجهة..ذكريات الدكتور عدنان مسودي عن الإخوان المسلمين في الضفة الغربية
وتأسيس حماس) بمقدمة للدكتور عزام التميمي، وتحرير بلال محمد الذي كتب مقدمة ضافية
استهلها بأبيات للشاعر المصري الماركسي نجيب سرور منها: "كل ما يُذكر يحيا/كل
ما يُنسى يموت"
ويعتبر عمل
مسودي، من الأعمال النادرة التي تتحدث عن تجربة الاخوان في الضفة الغربية وتأسيس
حركة حماس، نسبة إلى ما كُتب عن الدور الذي اطلع به الاخوان المسلمون في قطاع غزة
في هذا الامر.
السينما..التهديد
بالذبح
يقدم مسودي
لمحات عن الحياة في مدينة الخليل في الخمسينات، والتي كانت تتركز في البلدة
القديمة، وعن تأسيس الاخوان المسلمين في الضفة الغربية عام 1949، حيث كان والده
احد المؤسسين، وتركيزهم على العمل الاجتماعي، مشيرا: "كان الاخوان المسلمون
على رأس المتطوعين في حرب 1948، ولكن بعد حسم الامور لصالح الصهاينة، وبدل ان
يعملوا على استكمال ما بدأوا به، استكان الاخوان المسلمون في الضفة الغربية خاصة،
واستطاع النظام الأردني ان يحتويهم مثلما احتوى الناس".
ويورد أسماء نشطاء
الاخوان في الخليل، وغيرها من المناطق في الضفتين، ويقدم ترجمة لاحد ابرز الوجوه
الاخوانية في الخليل وهو الشيخ شكري ابو رجب، ويقول بانه الذي وقف ضد تأسيس دارا
للسينما في مدينة الخليل، اسوة بالمدن الفلسطينية الأخرى.
وبدأ ابو رجب
حملة ضد المشروع، بعد ان رصد عدد من رجال الاعمال مبلغ 50 الف دينار اردني لإنشاء
دار للسينما في المدينة عام 1962، وتهديده بذبح من سيبني الدار على بابها، وفعلا
كان للشيخ ما أراده، وحرمت المدينة من السينما.
معسكرات شبه
عسكرية
انضم الدكتور
مسودي، إلى الاخوان المسلمين مبكرا في عام 1956، ويكشف عن المعسكرات شبه العسكرية
التي كان الاخوان المسلمون في الأردن ينظمونها في منطقتي الشونة وجرش في شرقي
الاردن. ولا يفصح عن السبب الرئيس لذلك، مما يطرح تساؤلات مشروعة حول الهدف من هذه
المعسكرات، ما دام الاخوان المسلمون، لم يكن في برنامجهم، آنذاك، اطلاق مقاومة ضد
الاحتلال.
مذكرات مسودي،
شهادة مهمة على وضع الاخوان المسلمين الفلسطينيين خلال الحكم الاردني، وتبعيتهم
للمركز العام للإخوان في عمان، وانضوائهم تحت عباءة المراقب العام للإخوان
الاردنيين.
ويقدم مسودي
صورة عن نشاط الاخوان في سوريا خلال دراسته الطب في جامعة دمشق (1862-1970م) ويورد
ذكريات عن بعض الرموز مثل الدكتور عصام العطار والشيخ مصطفى السباعي وفي هذه
الفترة تعرف على فكر سيد قطب التكفيري، والذي حمله إلى مدينة الخليل، ولاحقا تراجع
عن هذا الفكر، كما يقول، بفضل كتاب (دعاة لا قضاة) للشيخ حسن الهضيبي مرشد الاخوان
في مصر.
قُطبي في
الخليل
وتستحق تجربته
في مدينة الخليل بعد العودة من دمشق، التوقف عندها والتي خصص لها فصلا بعنوان
(انقلاب قُطبي)، ويقول بأنه عاد إلى المدينة حاملا أفكار سيد قطب واقتراحا بمواجهة
الاحتلال، والبدء بالكفاح المسلح، وهو ما تم رفضه من قيادة الاخوان المسلمين، فعمل
على انشاء تنظيم مواز خلال الفترة 1970-1976م يذكر بالتفصيل كيف تأسس مع ذكر الأسماء،
ومنهم من اصبحوا وجوها بارزة مثل الشيخ رائد صلاح رئيس الحركة الاسلامية داخل الخط
الاخضر ونائبه كمال الخطيب.
يقول الدكتور
مسودي عن قيادة الاخوان المسلمين: "طالبتهم بضرورة العمل الجدي بتنظيم الأُسر،
والتدريب العسكري، والجهاد الفعلي، ولكني لم اكن موفقا، فرفضوا كلامي، خاصة عندما
طالبتهم بتنظيم أولادهم في العمل المسلح".
وقال له أحدهم:
"أنت تتكلم في سعة، ولم تذهب ولا مرة واحدة للعمارة (قيادة الجيش الاسرائيلي)
ولا حتى ليلة واحدة".
تأسيس حماس
عاد مسودة إلى
دمشق لإكمال دراسته في الطب في دمشق خلال الاعوام (1976-1979) ويورد ذكريات اخرى
عن نشاطه مع الاخوان السوريين، ثم عودته ونشاطه القيادي في الاخوان المسلمين، حتى تأسيس
حركة المقاومة الاسلامية (حماس) التي شارك في اتخاذ القرار بتأسيسها كونه عضوا في
المكتب الاداري للإخوان المسلمين في الضفة والقطاع. وتم ذلك يوم 23-10-1987 في
منزل حسن القيق في دورا الخليل.
ويورد تفاصيل
هامة حول بدايات حماس، وكيفية اتخاذ القرارات وصياغة البيانات، والعلاقة مع فصائل
العمل الوطني.
تعرض مسودي
للاعتقال، والابعاد إلى مرج الزهور، ولمذكراته أهمية لكل المعنيين والباحثين في
التاريخ الفلسطيني المعاصر.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق