أهلين

"من عرف الله سار، ومن سار طار، ومن طار حار". عجيل المقدسي.

الخميس، 28 أغسطس 2014

‏‏‏باسم الحفيد..!!



 

تكاد صباح بكير (46) سنة، لا تُصدق، أنها تمكنت أخيرا من الوصول، إلى بيت لحم، وان حفيدها يامن، الذي لم يتجاوز عمره، موجود في غرفة العناية المركزة في مستشفى الكاريتاس للأطفال.

ما عاشته بكير، وعائلتها خلال الأسابيع الماضية، كابوس حقيقي، من تدمير منازل العائلة في مجزرة الشجاعية، إلى ولادة حفيدها، الذي جاء إلى الدنيا مريضا يحتاج لعناية خاصة، وإصابة أمه، وتمكنها من الخروج به من غزة التي تعيش جحيما حقيقيا إلى بيت لحم.

يامن واحد من ثلاث حالات لأطفال من غزة وصلوا مستشفى الكاريتاس، لتلقي العلاج. يقول بشير قنقر، مدير العلاقات العامة في المستشفى، إن الأطفال الثلاثة الذين لا تتجاوز أعمارهم شهورا، يعانون من أمراض مختلفة، وان المستشفى فكر بطريقة يتم فيها مساعدة الأهل في غزة، وذلك بالتخفيف عن المؤسسات الصحية في القطاع، المثقلة جراء العدوان الإسرائيلي. فنسق لاستقبال حالات طبية، لأنه لا يوجد فيه قسم جراحي.

تقول بكير، بان يامن ابن ابنها، ولدته أمه، ولادة مبكرة في 15 رمضان، خلال الحرب، وجاء إلى الدنيا وبطنه مفتوحة، والامعاء خارجها، فأجريت له عملية في مستشفى الشفاء، ولكنه ظل يعاني حتى تم التنسيق لنقله إلى بيت لحم.

تستعيد بكير لحظات لا يمكن ان تنسى: "تلقينا اشعارات، بالخروج من منازلنا في الشجاعية، ولكننا رفضنا. الأمر تغير مع بدء سقوط القذائف، طوال الليل، مع الفجر، أخذنا اولادنا وانطلقنا هاربين، نحو مستشفى الشفاء باعتباره مكانا آمنا، وعندما وصلت زوجة ابني الحامل، مصابة بالشظايا، أدخلوها إلى غرفة العمليات، لتلد يامن، وبعد ساعات نقلونا إلى مدرسة لوكالة الغوث في تل الهوى، وبقي يامن في المستشفى، وكنت كل يوم اذهب إلى المستشفى لأطمئن عليه".

بعد العملية التي أُجريت ليامن، وزنه خف، وبدأ وضعه الصحي بالتراجع، وعندما تم التنسيق لنقله إلى بيت لحم، حملته جدته إلى حاجز بيت حانون (ايرز) وظلت تنتظر حتى الساعة الثالثة وهو بين يديها، مصابا الجفاف، وحالته خطرة، دون ان تظهر أي سيارة اسعاف، فطلب منها الجنود العودة، ولكن فجأة ظهرت سيارة اجرة، ركبت فيها، وجاءت إلى بيت لحم.

ودفعت للسائق، 400 شيقل، هي كل المبلغ الذي تمكنت من جمعه من أكثر من قريب من هناك، قبل ان تنطلق حاملة يامن، في أول خروج لها من قطاع غزة، على الاطلاق.

تقول بكير، بان الأوضاع الصحية في مدارس الايواء صعبة، وانها علمت خلالها وجودها في مستشفى الشفاء بإصابة 82 طفلا من عمر سنة إلى 10 سنوات بالحمى، جاؤوا للعلاج في المستشفى، الذي يعاني من ضغط شديد، حيث تفرش الفرشات على الأرض لوضع المرضى عليها، ومن يتلقى العلاج، يتم اخلاؤه فورا، لاستقبال آخرين.

يقول قنقر: "نسعى لجلب أطفال آخرين من قطاع غزة، فنحن مستشفى وطني وهدفنا خدمة الأطفال في الأرض المقدسة، ولكن التنسيق يأخذ وقتا، بالنسبة للحالات الثلاث التي وصلتنا، فنها لأطفال حديثي الولادة، يعانون مشاكل مرضية، جزء منها لأسباب وراثية".

ويضيف: "نحن ننسق طوال الوقت مع الصليب والهلال الأحمر، ولدنيا اتصال مباشر مع مستشفى الشفاء، ونأمل ان نتمكن من استقبال المزيد من الأطفال، نحن نعي بما حل بالبنية التحتية لقطاع غزة، وتدمير المشافي، وان الاوليات هناك قد تكون لجرحى يحتاجون إلى علاج طاريء، نريد ان نقدم ما نستطيعه من مساعدة".

تنظر صباح الى غرفة العناية المركزة، في مدينة فلسطينية تدخلها لأول مرة، وفكرها يتوزع بين القابع في الغرفة، وأهلها الذين تركتهم هناك في غزة.

"إنشاء الله اعود إلى غزة، وانا أحمل يامن في حضني، معافى، لقد كان رفيقي في أول مرة اخرج فيها من غزة، وامل ان نعود معا".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق