إذا
وُلد شاعر في العالم العربي، ستزعل الأم، ويغضب الأب، على "شغلة" الابن
التي لن تطعم خبزًا، ويزمجر الأخ الأكبر على قلة الحيلة. ستسخر العائلة، والأصدقاء،
الذين يفترض انهم خلقوا، كتعويض من القدير، على الاختيار غير الارادي للأقارب.
سيواجه
أوّل محاكمة، عندما يقول لابنة الجيران التي كتب لعينيها قصيدة:
_أعطني
بوسة..!
سيدافع
عن نفسه، أمام مجلس العائلة، التي تلقت شكوى من عائلة البنت، قائلا، بانه قال لها:
-أعطني
البِسّة وليس بوسة..!
ولكن
هذا لن يحميه من العقاب، ولكنه عقاب مفيد، سجعله محتاطا للرقابة، فيقرر أن يصبح
شاعرًا مواربًا، غير مفصح، وسيبرر لنفسه وللآخرين، بأن الغموضَ، مسألة فنية..!
سيصبح
ضحية لجشع تُجار الكتب، المعروفين باسم دور النشر. وعندما يرى أخيرًا اسمه مطبوعا
على غلاف كتاب، سيزعل الأصدقاء، والجيران، وأشباه الكتاب، والدكنجي، والفوّال،
لانه لم يوزع على كل منهم نسخة.
وربما
يلتقي أحدهم، يبدي بأنه تنازل، عندما قرأ الديوان، وسيتسمع لكثير من الهذر..!
وإذا
أراد صحافيّ، مجاملته، سيتصفّح الديوان سريعًا، ويكتب، استعراضا مستعينا، بما ظهر
على الغلاف الخلفي، ينثره بين نص جاهز لديه، مثل كتبة العرائض أمام المحاكم..!
اذا
قاده الحظ السيء، وانتمى لحزب ايديولوجي، فسيتعرض للإقصاء، والتهميش، وسيتهم بانه
مثقف، وشاعر. وقد يصبح صاحب حظوة، اذا رضيت عنه سكرتيرة السكرتير العام..!
ستعتقله
المخابرات، فهي أذكى من الأحزاب، تخاف من الأعضاء، الشعراء..! سيكرهه الشيوخ،
وسيلعنونه على المنابر، وسيقولون للناس، أين سيكون موقعه تحديدا في نار جهنم..!
واذا
تزوج ابنة الجيران، ستتحول إلى بِسّة بأنياب حقيقية، لا تكتفي بالخرمشة، ستودي به،
إلى دير المجانين. ستجلب له المزيد من البِسس، وسيتحول إلى صرّاف آلي، للقطط التي
لا تشبع، فيضطر لبيع الشعر، وفي خلوته سيكتب عن ثورات لا تنتصر، وثوار سيتحولون إلى
طغاة، واذا سأل ربه لماذا يحدث هذا له؟ ولماذا خلقه شاعرا عربيًا؟ ستحاكمه الثورات
المهزومة، والثوار الطغاة، وخلفاء الاستبداد.
سيختلفون
في كيفية اعدامه، بالخازوق العثماني، أو بالسيّف الدمشقيّ، أوّ بالأسيد القوميّ،
أو بالحبل الناصريّ، وربما يعطي الطاغية نفسه شرف تصفيته بإطلاق النار عليه من
مسدسه.
اذا
وُلد شاعر في العالم العربي، في العِزب، التي انشئت للانكشارية، ولأبنائهم،
ولزوجاتهم، من الأفضل، ان يختار أي مكان في الدنيا، إذا أراد ان يظلّ شاعرًا، ولا
يكتب إلا قصيدة واحدة:
إلهي
إلهي لماذا تركتني عربيًا؟!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق