تُعرف
رجاء نعمة نفسها كيسارية وعروبية. لماذا اذن اختارت لمذكراتها عنوانا قد يبدو
طائفيا: "مذكرات امرأة شيعية"؟ وليس مثلا (مذكرات امرأة لبنانية)؟
يبدو
العنوان الاول اكثر جذبا واغراءا للقراء. ولا يمكن من خلال هذه السيرة-الروائية
كما تصنفها الكاتبة، العثور على أي ملمح طائفي. سيرة بدون اعترافات او فضائح.
تقدم
رجاء نعمة مدينتها صور، التي تُشكل شبه جزيرة، منذ نهاية الحكم العثماني، حتى
الوقت الحاضر، من خلال شخوص تتنقل في المهاجر وفي الوطن.
تعيد
نعمة الاعتبار للعلاقة الفلسطينية-اللبنانية، السابقة على النكبة، وعلى التلاحم
الذي عاشته صور، وتتطرق الى الافكار القومية واليسارية التي حلت محل القديم المتآكل
في صور، في فترة تفخر الكاتبة انها عاشتها كيسارية، ولكن يبدو مما نشهده الان، ان
مرحلة التفتح والاحلام التغييرية، لم تكن الا حقبة صغيرة في تاريخ طويل، من اعادة
انتاج الاستبداد والتخلف.
تركت
رجاء نعمة حكايات شخصوها الرئيسة بدون تتمة، ربما تركتها لجزء اخر تفكر في كتابته،
او لإضفاء غموض محبب، تاركة للقاريء رسم النهايات.
من
القصص المؤثرة في الكتاب، حكاية الفلسطيني عبد الله، الذي يضل طريق أهله النازحين
من حيفا وعمره 3 سنوات، فتربيه عائلة ارمنية فلسطينية، على دينه الاسلامي، وعندما
يكبر يبحث عن عائلته التي لم تكف عن البحث عنه. يقرر عبد الله الاخذ بالثأر من
خلال انتسابه لمنظمة التحرير. ماذا سيكون مصير عبد الله؟ لندع القاريء يتخيل
تراجيديا من الاف التراجيديات الفلسطينية. يُخيل لي بان لكل فلسطيني تراجيديته.
ولكن ليس كل فلسطيني ادركته حرفة الادب. والذين أدركتهم هذه الحرفة، لم يفعل
اغلبهم مثلما فعلت رجاء نعمة. وفضلوا السهولة والذاتية واشياء اخرى على الادب
الحقيقي. ما هو الادب الحقيقي؟. لا أعرف ربما مثل الذي كتبته المرأة رجاء نعمة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق