ضحك الحظ أخيرا للدكتورة ايلات مزار، التي تجري حفريات غير شرعية في القدس، منذ ثلاثين عاما، وعُرفت بإعلانها لاكتشافات اثرية، مشكوك في صحتها، لا تخلو من ظلال ايديولوجية.
مزار
سارت على درب جدها، البروفسور مزار، الذي قاد الحفريات جنوب المسجد الأقصى، بعد احتلال
ما تبقى من القدس في حزيران 1967، مباشرة، بحثا عن الهيكل المفترض.
وفي
حين لم يكشف جدها وزملاؤه عن أي شيء يرضي غرورهم الصهيوني، تابعت مزار حفرياتها
خلف السور الجنوبي للمسجد الأقصى، فيما يعرف بتلة اوفيل، واعلنت خلال السنوات
الماضية عن اكتشافات، لاقت انتقادات من علماء اثار إسرائيليين، مثل اعلانها اكتشاف
قصر الملك سليمان.
هذه
المرة، كان لدى مزار ما تعرضه أمام وسائل الإعلام، فيما سمته الاكتشاف الذي يمكن
ان يحدث للمرء مرة واحدة في العمر، وإن كانت لم تتخلى عن تقديم تفسيرات ذات طابع
ايديولوجي.
في
البيان الصحافي الذي أصدرته مزار، مستبعدة من الصورة جهات اثرية أخرى، مثل سلطة
الاثار الإسرائيلية، أعلنت عثورها، جنوب المسجد الأقصى، في الموقع الذي تسميه تل
الأكمة، أو تلة داود، على كنز يعود للعصر البيزنطي.
ومن
بين المكتشفات سلسة ذهبية لشمعدان، يحمل رموزا يهودية، تعود للفترة البيزنطية المتأخرة
(أوائل القرن السابع الميلادي) وعملات ذهبية، تحمل صور أباطرة بيزنطيين.
ورغم
ان وجود الشمعدان، في تلك الفترة المتأخرة من الحقبة البيزنطية، لا يبدو غريبا،
ويمكن ان يكون مستخدما كحلية في المجتمع البيزنطي المسيحي المحلي، إلا ان مزار،
رات ان وجوده يعكس الحضور التاريخي لليهود في المنطقة.
وحسب
مزار، فان الكنز الذهبي الذي تم الكشف عنه هو عبارة عن: "حزمة واحدة كانت
مخبأة بعناية تحت الأرض، إضافة إلى حزمة أخرى متناثرة على الأرض، مما يشير انه تم
التخلي عنها في عجلة من أمر أصحابها".
وفسرت
مزار الامر، إلى ان أصحاب الكنز اليهود، هجروا المكان في سياق الغزو الفارسي للقدس
عام 614 م. رغم ان المدونات التاريخية، تشير إلى دعم يهود فلسطين البيزنطية للغزو
الفارسي.
ولكن
مزار التي لا ترغب في تبديد فرحة اكتشافها للكنز تفسر دون الالتفات إلى الحقائق
التاريخية: "بعد غزو الفرس القدس، عاد الكثير من اليهود إلى المدينة، وشكلوا
غالبية سكانها على أمل الحصول على الحرية السياسية والدينية. ولكن السلطة
الفارسية، بدلا من تشكيل تحالف مع اليهود، سعت لدعم المسيحيين وسمحت لهم في
النهاية بطرد اليهود من القدس". ويبدو ذلك غريبا، مع حقيقة الحرب التي قادها
الامبراطور البيزنطي هرقل ضد الفرس لاستعادة القدس. فيما كانت قوة جديدة تظل
براسها من الجزيرة العربية، تتابع ما يجري، وهو ما يمكن استشفافه من سورة (الروم)
في القران الكريم، التي تنبات بانتصار الروم، ثم هزيمتهم، وهو ما حدث على يد
المسلمين.
وتعتقد
مزار، ان هذا الكنز، قد يكون مخصصا للمساهمة في بناء كنيس يهودي جديد بالقرب مما
تسميه جبل الهيكل، إلا انه بسبب الظروف السياسية تم التخلي عنه للابد.
وقال
ليئور ساندبرج، أخصائي علم المسكوكات في معهد علم الآثار، ان ما عُثر عليه، يشكل
المجموعة الثالثة من العملات الذهبية التي عُثر عليها في الحفريات الاثرية في
القدس، مشيرا إلى ان: "عدد العملات الذهبية المكتشفة هي ستة وثلاثين تعود إلى
عهود اباطرة بيزنطيين مختلفين، بدءا من منتصف القرن الرابع الميلادي إلى أوائل
القرن السابع الميلادي".
وضم
الكنز أيضا، زوجا من الاقراط الذهبية الكبيرة، وسبيكة فضة، وغيرها، وجدت جميعها في
محفظة من القماش مماثلة لتلك التي تحتوي على ميدالية الشمعدان.
ورغم
ان إعلان مزار هذا، مثل إعلانات أخرى لجهات إسرائيلية اثرية، تتعلق بارض محتلة،
وفقا للقانون الدولي، إلا ان اية جهة فلسطينية، لم تطالب باسترداد المكتشفات،
ومعاقبة مزار وغيرها كمنقبين غير شرعيين، والعمل على عزلهم دوليا. خصوصا وان
فلسطين تتمتع الان بعضوية اليونسكو. ام ان "التطنيش" وقلة الحيلة والجهل
ستظل سمات فلسطينية بامتياز؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق