أهلين

"من عرف الله سار، ومن سار طار، ومن طار حار". عجيل المقدسي.

الخميس، 20 يوليو 2017

الإسفنج الأسود..!


تطور دولة الاحتلال، بشكل دائم، أسلحتها لمواجهة فتية فلسطين، الذين لا يكفون عن الانتفاض، وتكرار ارتكاب نفس الحماقات، لا يريدون أن يتعلموا، أو أن يُستلبوا، رغم نشاطات مخابرات نصف دول العالم على الأقل، ومئات وسائل الإعلام، لكي وعيهم، وفي غرف جيش الاحتلال الإستراتيجية المغلقة، ومراكز الأبحاث التي تعمل لجعل الجيش الذي لا يقهر، قاهرًا للفتية، يبحثون، ويدرسون، ويطورون.
قبل انتفاضة الفتية المغدورة بنحو عام، أدخل جيش الاحتلال، مستبقا الأحداث، سلاح (الإسفنج الأسود)، وهو عبارة عن عيارات نارية صنعت من مطّاط اصطناعي أسود اللون، ويبدو أن هذا السلاح، أقوى بما لا يقاس من السحر الأسود المستخدم من قبل بعض العربان في مواجهة بعضهم البعض، فحسب جمعية حقوق المواطن في دولة الاحتلال، فان هذا السلاح يسبب العمى، الجزئيّ أو التامّ.
ولكن قد يكون أشد خطورة، فالشهيد الفتى محمد سنقرط (16) عاما، ارتقى في آب 2014م، بعيار مطاطي إسفنجي أسود، في حي وادي الجوز بالقدس.
مصنعو الإسفنج الأسود، ليسوا بدون ضمائر كما يمكن أن نتوقع، فهم إدراكا بما جنته أيديهم، يؤكدون على انه يحظر استخدام سلاحهم بالتصويب نحو النصف العلويّ من أجساد الفتية الغضة، ولكن لا بأس من إصابة النصف السفلي، ولكن الإسفنج الأسود، الذي أخذ قوة دفع ذاتية، يصيب رؤوس الفتية، على غير هدف جنود الاحتلال الفائضي براءة.
شرطة الاحتلال، ومن منطلق مسؤوليتها والتزامها بالشفافية، وإمعانا منها بطمأنة الواقعين تحت الاحتلال في القدس الشرقية، تؤكد بان هذا الإسفنج الأسود، هو سلاح "غير قاتل"، وان التعليمات لرجالها باستخدامه بهدف إيقاع "إصابات غير دامية وسيطرة مؤقّته على المتظاهرين"، فقط لا غير.
ولكن ما ذنب رجال الشرطة الأبرياء من حرس الحدود، عندما يستخدمون الإسفنج الأسود لأهداف بريئة، فيخذلهم، فيصيب الفتية في الأجزاء العليا، إنهم يشعرون بالأسف لذلك.
تعبر جمعية حقوق المواطن في دولة الاحتلال عن حساسية تجاه الإسفنج الأسود، فتنظم معرضا سيفتتح غدًا في تل أبيب بعنوان "ما لهم ذًنْب"، سيحوي صور مصابين بعيارات الإسفنج الأسود في شعفاط، والعيسوية، ومخيم شعفاط.
تصف الجمعية المصابين بأنهم "غير متورّطين" في شيء: "لم توجّه إليهم حتّى شبهة المشاركة في أعمال شغب، ولم تُتّخذ ضدهم أيّة إجراءات. كلّ ما في الأمر أنّهم من سكّان الأحياء التي تجري فيها وبشكل دائم مواجهات بين أفراد الشرطة والمتظاهرين، بعضهم أصيب وهو يسير في الشارع قرب منزله، وبعضهم أصيب داخل منزله".
ومن فرط هذه الحساسية على غير المتورطين، ستعرض وجوه عشرة مصابين، نصفهم قاصرون. المعرض هو نتاج مشروع استمرّ الاستعداد له على مدار عام كامل، منذ التواصل الأوّلي مع المصابين.
عشرات من المصابين يعانون من إصابات بالغة الخطورة في منطقة الرأس، محمد سنقرط أردي شهيدًا، و16 فقدوا بصرهم.
"أيًّا من المصابين اللذين جرى توثيق إصابتهم في المعرض في معظم الحالات لم يتم فتح تحقيق في قسم التحقيق مع أفراد الشرطة، وحتى اليوم لم يقدّم أي شرطي للمحاكمة جراء إطلاق هذا الرصاص وإصابة مواطنين"-تقول الجمعية محاولة تشويه صورة الشرطة.
ولكن الجمعية تغفل، بان شرطة الاحتلال، التي لا تتخلى عن مسوؤليتها كشرطة في دولة ديمقراطية، فتحت فعلاً تحقيقًا في استشهاد محمد سنقرط، ولكنها، بعد أن اكتشفت بأن شرطي حرس الحدود بريئا أغلقت الملف في حزيران 2016م
شرطة الاحتلال، لم تصدق في البداية بان الإسفنج الأسود هو من قتل سنقرط، وإنما انتقل إلى رحمته تعالى نتيجة ارتطام رأسه بالأرض، ولكنها وبعد تحقيق وصفته بالعميق، اعترفت غير مجبرة على ان الإسفنج الأسود هو القاتل، ولكن القاتل الشرطي غير مذنب، ما حدث ببساطة انه استخدم الإسفنج اللعين دون أن يكون مؤهلا لاستخدامه، نعم لقد تدرب على إطلاق عيارات اسفنجية، ولكن من نوع آخر، فما ذنبه عندما وجد أن ما أطلقه لم يكن إلا الإسفنج الأسود؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق