أهلين

"من عرف الله سار، ومن سار طار، ومن طار حار". عجيل المقدسي.

الأربعاء، 23 أبريل 2014

الشيخ كنفوش: نموذج للإرث الثقافي والتاريخي المهدد




 

لا يؤثر الوجود الاستيطاني في الخليل على حياة الناس فقط ولا يسلبهم ممتلكاتهم، ويجعلهم في قلق دائم، مؤدياً إلى سقوط شهداء، وجرحى، فحسب وإنما يدمر الارث الثقافي والديني، المتوارث منذ أجيال.

وفي الفترة الأخيرة، استأنفت سلطات الاحتلال التنقيب في تل ارميدة الاثري، لبناء المزيد من الوحدات الاستيطانية في المكان، الذي زرعت فيه سابقا بؤرة استيطانية، سيطرت على مقام الأربعين، والعين الجديدة، ومقام السقواتي وغيرها من مواقع اثرية وتاريخية في التل ومحيطه.

وتبدو زاوية ومقام الشيخ كنفوش (الأدهمي) نموذجا بارزا، وإن كان غير متداول إعلاميا، للتدمير الاحتلالي للإرث الثقافي والتاريخي في مدينة الخليل.

تقع الزاوية بجوار واحدة من المعالم الأثرية المهمة في الخليل، وهي بركة السلطان، التي تنسب للسلطان سيف الدين قلاوون الألفي، التي انشأها عام 1283م، ويحدها من الجنوب حارة ومسجد قيطون، الذي تقام فيه الصلاة رغم وقوعه في منطقة تماس مع المستوطنين، وتتوسط من الشمال حارة المشارقة الفوقا، ومن الشرق حارة المشارقة التحتا، وإلى الغرب منها تل ارميدة، الذي حولها المحتلون إلى منطقة توتر دائم.

منظر الأسلاك الشائكة في المنطقة، وصمت الحركة، ينبئ الداخل إليها، ان المنطقة للأشباح، لولا تشجيع أحد السكان الشباب، الذي اصطحب مراسلنا فيما سماها مغامرة، للوصول إلى زاوية ومقام الشيخ كنفوش.

وتنسب الزاوية للشيخ علي كنفوش الأدهمي، شيخ الزاوية الأدهمية في الخليل، المتوفى في سنة 1308م، ويُعتقد بان الضريح الموجود في الزاوية يعود للشيخ كنفوش نفسه.

الدخول إلى الزاوية والمقام، يتم عبر محلات هجرها أصحابها، بسبب الوجود الاستيطاني، وتظهر عليها، وعلى بقايا موجودة فيها الاهمال الشديد.

التسلل إلى زاوية الشيخ كنفوش، يستلزم الصعود والقفز، لرؤية وضعها المزري، فالقماش الأخضر الذي كان يجلل الضريح، ممزق، والضريح نفسه تم الاعتداء عليه، وتحطيم اجزاء منه، ويوجد بقايا كتب كانت تستخدم في الزاوية وتمزق بعضها، من بينها كتاب (إحياء علوم الدين) للإمام الغزالي.

وتتراكم الأوساخ في المكان، وفي عدة غرف متجاورة، تطل على بركة السلطان الفارغة الان، بينما على الجهة الأخرى، يقف جنود الاحتلال بشكل دائم مشكلين حاجز يمنع دخول الفلسطينيين إلى المناطق التي يحتلها المستوطنون.

وفي الشوارع المحيطة تسير مركبات المستوطنين، الذين ينظرون بعدائية لأي شخص عربي أو متضامن أجنبي يرونه في المكان.

يقول أحد السكان: "نعرف ان الوضع صعب وخطر، ولكننا نحاول المواجهة، فنحن نقيم الصلاة في مسجد قيطون، رغم كل شيء، ونأمل ان تكون هناك جهود تعميرية لإحياء المنطقة حول بركة السلطان، وترميم المحال وزاوية الشيخ كنفوش".

ويضيف: "أعلم بان الأمر قد لا يكون بالسهولة المتوقعة، ولكننا نحتاج إلى خطط، وارادة وتشجيع الناس على القدوم إلى المنطقة، إذا لم ندافع عن وجودنا وارثنا ومساجدنا واثارنا، فمن سيدافع؟".


 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق