القبر المقدس: أهم مراحل الحج المسيحي

 

تصطف أعداد غفيرة، بشكل دائم في كنيسة القيامة بالقدس، أمام مقصورة جميلة، للدخول اليها، ورغم ان رجل الدين الارثوذكسي، الذي ينظم الدخول، يستعجل الداخلين، بالخروج بسرعة، واحيانا يضطر للدخول، لإخراجهم بسرعة، إلا ان الطابور عادة لا ينقص، والسبب ان الدخول إلى داخل المقصورة وزيارة القبر المقدس، يعتبره الحجاج الذي يأتون إلى بلادنا، أهم مراحل الحج، وأهم لحظات الحياة الروحية للآتين من مختلف أنحاء العالم إلى القدس، لاقتفاء المراحل الأخيرة من حياة السيد المسيح.

وتعتبر زيارة القبر المقدس، داخل المقصورة الجميلة، اخر مراحل درب الآلام الذي سار عليه السيد المسيح، وتمر بمختلف أحياء القدس القديمة، حتى القبر المقدس، الذي يقع في قلب كنيسة القيامة.

تقع المقصورة التي تظلل القبر المقدس، إلى الغرب من كنيسة نصف الدنيا، داخل كنيسة القيامة، وخلال القرون الماضية اخذت عدة أشكال، وحسب الانجيل فان القبر كان منحوتا في الصخر، وبعد العثور عليه من القديسة هيلانة، اثر تبني الامبراطورية الرومانية، المسيحية، دينا رسميا، تم تأهيله لكي يصبح منفردا عن بقية الكتل الصخرية المحيطة به.

أما الشكل الحالي الذي اخذته المقصورة فكان عام 1810، بعد الحريق الذي نشب عام 1808، وأدى إلى تدمير البناء القديم الذي كان يحمي القبر، فتم بناء المقصورة الحالية من قبل بطريركية الارثوذكس من الحجر المحلي باللونين الأبيض والأحمر، وهو ما يعكس نفوذ الأرثوذكس في كنيسة القيامة، وعلى مدخل المقصورة، يوجد بشكل دائم حارس، أو اكثر، من الروم الأرثوذكس، لتنظيم دخول الحجاج، والمحافظة على حقوق الارثوذكس وفقا للاستتكو، أي الوضع الدائم.

نُقش على واجهة المقصورة: "تم اعادة بناء المقصورة في عهد البطريرك كيريوس بوليكاريوس في شهر آذار 1819". وهي ثرية بالتفاصيل الفنية والزخارف، وعند بابها نعثر على نقش للمعماري الذي صمم وبنى المقصورة: "المعماري الملكي ختزي كومنينوس- 1810". للمقصورة باب وحيد في الجهة الشرقية منها، ويتميز بمقارع فضية، أما باب المقصورة الخشبي المطعم بالصدف الذي نجا من الحريق فهو الان محفوظ في متحف البطريركية.

وفي الداخل، نعثر على نقوش هي عبارة عن تضرعات تذكارية تتضمن أسماء بقية الصناع والعمال. وأمام مشهد القيامة يتدلى 12 قنديل فضي لا تُطفأ ابدا، وعلى جانبي المدخل شمعدانات من المرمر، وتنقسم المقصورة إلى قسمين، الأول عبارة غرفة تضم قطعة من حجر القبر، الذي جلس عليه الملاك الذي ابلغ النساء حاملات الطيب بقيامة المسيح، ومن السقف يتدلى 15 قنديلا خمسة للروم، وخمسة للاتين، واربعة للأرمن وواحد للأقباط، وهو ما يعكس توازن القوى في المكان بين الطوائف المسيحية المختلفة. وفي كل ليلة يشهد المكان قداسا للحجاج.

القسم الثاني، هو الأهم، وهو المكان الذي يُعتقد انه تم وضع جسد المسيح فيه، وفيه شموع مشتعلة باستمرار، و40 قنديلا دائمة الاشعاع. والقبر المقدس من الرخام الأبيض. بسبب هذا القبر تحولت القدس إلى مركز الإيمان المسيحي.

تظلل القبر والمقصورة، قبة هي إحدى قبتي كنيسة القيامة، اللتين تظهران من الخارج، القبة التي فوق القبر، خضعت لترميم في كانون أول (ديسمبر) عام ١٩٩٤، بعد اتفاق بين الروم، واللاتين، والأرمن، وأعد الفنان الأميركي آرا نورمارت التصاميم، ونفذت العمل (البعثة البابوية في سبيل فلسطين)، باعتبارها "طرفا محايدا" يقف على مسافة واحدة بين الطوائف الثلاث الرئيسة، ويمثل الرسم، على القبة التي دشنت في احتفال في الثاني من شهر كانون الثاني (يناير) عام ١٩٩٧، الشمس في منتصف القبة يخرج منها 12 شعاعا، في إشارة إلى المسيح، والرسل الاثني عشر، يتفرع منها خيوط من نور تمثل الثالثوث الأقدس.