أهلين

"من عرف الله سار، ومن سار طار، ومن طار حار". عجيل المقدسي.

الاثنين، 21 أبريل 2014

‏زفة النور المقدس

حاول المنتظرون، للنور المقدس، في مفرق العمل الكاثوليك في بيت لحم القديمة، ان يشغلوا أنفسهم، بما تقدمه فرق الكشافة التي تدور حول تمثال يتوسط ساحة المفرق، ولكن ذلك لم يخفف من شعلة الحماس المتقدة لديهم. خصوصا ان اعضاء الكشافة كانوا ايضا متحمسين لوصول النور، وارادوا فقط تبديد توتر الانتظار.

يعتبر سبت النور بالنسبة للمسيحيين الشرقيين، الذي يسبق الفصح المجيد، المناسبة الأهم، لذا فانهم ينفردون بعمل زفة له، يستحضر فيها كل الارث الشعبي.

في هذا العام، احتفلت الطوائف المسيحية جميعا بالعيد، باعتبارها سنة كبيسة، تتوحد فيها الاعياد، لذا كانت اعداد المؤمنين المنتظرين كبيرة وامتدت على طول شارع النجمة، إلى ساحة كنيسة المهد، وهذه الطريق، التي تسمى مسار الحجاج، بالاضافة إلى الكنيسة، التي تعتبر واحدة من اقدم كنائس العالم، سجلتا على قائمة اليونسكو للتراث العالمي المهدد.

النور المقدس ياتي من كنيسة القيامة بالقدس، وما ان وصلت الحافلة التي تقل من تمكنوا من الوصول إلى القدس، ومعهم النور، حتى انطلقت الزغاريد وسط الجمع المحتشد، وتوجهت الأنظار خصوصا للنساء اللواتي ما زلن يحافظن على الطابع الشعبي لسبت النور.

انتظمت فرقة الكشافة التابعة للروم الأرثوذكس، وخلفها مركبة تحمل دي جي مزينة بسعف النخف، فسيارة ثالثة مفتوح صندوقها الخلفي ويطل منه صليب مزين بالورود، ولكن هذا لم يكن هو ما يثير الجمهور الذي يعلم ما ينتظره في مثل هذه المناسبة.

وما ان ظهر شبان يحملون السيوف، والصلبان، يعتلون أكتاف زملاء آخرين، حتى بدات الزفة الحقيقية للنور. واخذ الجمع يردد خلف الذين يلوّحون بالسيوف، مستذكرين المسيح، والعذراء مريم، والخضر الأخضر.

وكما يحدث في الأعراس الشعبية، فان مخزون الغناء التراثي الذي يتميز بالتمجيد، والمفاخرة، والتهديد لاظهار القوة، كان حاضرا.

وعندما يتعب المحمولون، يظهر آخرون مكانهم، ويتوقف الركب بعد مسيرة أمتار، ليظل المحمولون على الاكتاف، بينما تتوسع الحلقة اسفلهم، يتراكض فيها اثنان من حملة السيوف وهما يلوحان ويفتخران بالمسيح، والعذراء، ويستذكران، ما فعله اليهود بالمسيح.

وعلى طول الطريق، يقف مواطنون ومواطنات على الشبابيك، يرشون الملح، والماء المعطر على المسيرة التي يزداد عددها.

وتوقفت المسيرة، بكثير من الحماس تحت قوس الزرارة، وهو أقدم بوابات بيت لحم القديمة الباقية حتى الان، وكان ذلك مدعاة ليرفع المحمولون على الأكتاف أصواتهم، ويبالغون بالتلويح بالسيوف، وسط الزغاريد التي تنطلق من حناجر نساء يرتدين أجمل الثياب الافرنجية، وتنطق افواههن باهازيج تراثية محلية.

وعند نافورة المنارة، توقفت المسيرة، ليختبر آخرون قدرتهم على التلويح بالسيوف، وحفظهم للاهازيج الشعبية.

وخلال ذلك لا يكف الناس على اشعال المزيد من الشموع، بينما تولت بعض الجهات توزيع الورود، على المحتفلين، واستمرت المسيرة في زخمها حتى بلاط كنيسة المهد، حيث استقبل النور المقدس، رجال دين، بحضور الشخصيات الرسمية في السلطة الوطنية.

ومع اقتراب الزفة من نهايتها، فتح أحد المحمولين على الأكتاف زجاجة شمبانيا، ما أدى إلى اشعال المزيد من الحماس وسط الناس، بينما كان بعض الحجاج الأقباط الجالسين على الحجارة القديمة المتناثرة على أطراف الساحة، يزفون إلى ذويهم في مصر بشرى وصول النور المقدس إلى كنيسة المهد.

وذرف بعض الأقباط ومنهم من يرتدي الزي الصعيدي المعتق، الدموع تاثرا، وقالت احداهن، ردا على سؤال لمراسلنا: «في مصر، لا توجد مثل هذه المظاهر الاحتفالية الشعبية، لهذا نحن جئنا إلى هنا».

في هذه الاثناء، كان السريان الذين وصل النور المقدس، الخاص بهم، ينطلقون بصمت من مفرق العمل الكاثوليك، نحو كنيسة مار افرام، وذلك على غير العادة، والسبب حدادهم على البطريرك السرياني الذي رحل مؤخرا.


 

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق