أهلين

"من عرف الله سار، ومن سار طار، ومن طار حار". عجيل المقدسي.

الأربعاء، 30 أكتوبر 2013

ويطول اليوم أكثر من 30 ألما..!!




بدت الساعات التي سبقت الإفراج عن الأسرى الذين حرروا فجر اليوم، هي الأطول بالنسبة لعائلاتهم، رغم صبرهم لسنوات طويلة.
"هذا اليوم هو الأطول بالنسبة لنا وبالنسبة للأسرى، اننا لا نكاد نصدق باننا سنحضن احبائنا، بعد عدة ساعات"-قالت آمنة صلاح، شقيقة رزق صلاح، الذي أمضى عشرين عاما داخل السجون.
وقالت صلاح وهي تقف بجانب ملصق كبير لشقيقها أمام منزل العائلة في منطقة أم ركبة في بلدة الخضر: "اشعر بان كل تعب السنوات العشرين الماضية، يتبدد في هذه الساعات، ولكن ما يؤلمني انه سيخرج ولن يتمكن من رؤية والدي ووالدتي الذين رحلا وهو داخل السجن".
ولم تسمح سلطات الاحتلال، لصلاح، بالمشاركة في جنازتي والده الذي توفاه الله عام 2000، ووالدته التي رحلت عام 2009، وهي تلهج باسمه.
"من المواقف المؤثرة في رحلة المعاناة، الزيارة الأخيرة لوالدتي لرزق، وكانت مريضة بشدة، حيث نقلت بسيارة اسعاف، بإشراف الصليب الاحمر، لتزور رزق، لقد كانت تشكل له الكثير، أحبها اكثر فرد في العائلة، وكانت تداوم على زيارته، باستثناء فترات المنع الامني، وكان يشعر بانه السبب في تكالب الأمراض عليها، وخلال فترة مرض والدي الأخيرة، وكان لا يستطيع النطق، سمحت ادارة السجن لرزق بإجراء اتصال تلفوني مع والدي، وكم تأثر عندما لم يتمكن والدي من الحديث، لقد اثر رحيل الوالد والولدة كثيرا في رزق"-تقول آمنة.
"وانا أُحي رزق على صموده مرة، فإنني أُحي زوجته الصابرة ألف مرة، التي لم تهن وربت طفليه حتى أصبحا شباين، ان نضالها وصمودها لا يقل عن نضال وصمود رزق"-تؤكد آمنة.
وعندما اعتقل رزق قبل عشرين عاما، كان عمر ابنه رمزي سنة وشهرين، ورافق مسيرة والده في السجون، من خلال الزيارات حتى أصبح شابا. بينما كان عمر شقيقه احمد سنتين ونصف.
"التواصل مع والدي كان يتم عبر الزيارات، وأذكر دائما حرصه على تقديم النصائح لي، خلال المسيرة الطويلة، وكل زيارة لوالدي كان لها طعم خاص، كل زيارة كانت مؤثرة، لا أعرف كيف أُعبر عن مشاعري، عندما اعود إلى المنزل واتركه خلفي خلف القضبان"-يقول رمزي صلاح.
"انا فخور بوالدي، لقد مارس حقه في الدفاع الشرعي عن وطنه واهله، لقد افتقدته كثيرا خلال السنوات الماضية، وانا فرح جدا بتحرره اخيرا"-يؤكد رمزي وهي يعلق صورة لوالده أمام المنزل الذي ثبتت عليه لوحة تاسيسية تشير: "شيد هذا البيت عام 2009 رغم وجود مالكه رزق على خضر صلاح في سجون الاحتلال منذ عام 1993 اصرارا على حريته". 
كان رزق صلاح، يعمل قبل اعتقاله صانعا للبراويز، وتميز بعمله السري، وبصمته، وهدوئه، ولكنه كان يخفي عواصف معادية للاحتلال، تحت هذا الهدوء.
وتتشارك عائلة صلاح، فرحة الإفراج، مع عائلتي الأسيرين خالد الأزرق، وعيسى عبد ربه، وهي ثلاث عائلات عاشت مسيرة صعبة واحدة في المطاردة خلف أبنائها الأسرى من سجن إلى اخر.
عائلة الأزرق تستعد لاستقبال خالد، الذي لم تفقد والدته الأمل ابدا في ان تراه حرا، وتميزت والدته بمعنوياتها المرتفعة، والتي كانت دائما تعمل على رفع معنويات أُمهات وزوجات الأسرى.
ولا تستطيع وصف مشاعرها في الساعات التي سبقت احتضانها لابنها، وهي التي كانت تعاني بشكل مضاعف، وكان المحتلون، يشددون الاجراءات الامنية بحقها على الحواجز، ويجرون لها تفتيشا مضاعفا، بسبب تركيبها لمفاصل، فكانت كلما مرت من آلة كشف المعادين، لا تكف الآلة عن الرنين.
خالد مثل رزق، عُرف بهدوئه، وعمله الصامت، وكان فقد زوجته الشهيدة أمل العطابي، التي استشهدت خلال عملية فدائية في القدس الغربية.
وفي مخيم الدهيشة، الأمور تغيرت كثيرا بالنسبة لأمونة عبد ربه، التي عاشت طوال 29 عاما في انتظار لحظة الإفراج عن ابنها عيسى.
وفي يوم الاثنين قبل الماضي، استقبلت أصدقاء عيسى الذين شاركوها مناسبة دخول عيسى عامه الثلاثين، وبعد 8 أيام تمكنت من احتضان ابنها.
الاحتفالات بدأت مبكرة في منزل عائلة عبد ربه، وحضر إلى المنزل رفاق لعيسى أمضوا سنوات طويلة معه في السجون مثل أحمد الزير الذي يقول: "كان عيسى يجسد الروح الأخوية الحقيقية في السجون، لقد أمضيت معه سبع سنوات، في طل الاضرابات والاحتجاجات التي يخوضها الأسرى كان عيسى رمزا لنا جميعا، كان رمزا لنا من جوانب عدة، من العطاء غير المحدود، إلى العمل على خدمة الأسرى الجدد، الذين شكل لهم الاب والام، وكانوا يتأثرون به ويستمدون القوة من الروح المعنوية العالية التي يتمتع بها، لقد لعب عيسى دورا مؤثرا في الانتفاضة الأولى باحتضان ابطالها الذين دخلوا السجون".
خلال سنوات عيسى الطويلة في السجون، رحل والده، وعن ذلك يقول الزير: "عندما علم عيسى بوفاة والده، كظم الألم والغيظ حتى لا يفسح المجال لشماتة العدو، أو التأثير على المعنويات، عندما جاء الخبر كان برشي بجانب برشه، وقال لي: لن نسمح للعدو ان يرانا في لحظة انهيار، كان ذلك مؤثرا جدا، لقد نجح في امتصاص الحزن والغضب، وبدلا من ان نواسيه، كان هو يواسينا، بدا له الخبر عاديا جدا، ولكنا كنا نعلم بانه في داخله بتألم وكانه يتلقى ضربات خنجر". 
"انها صفة الحلم" يقول عبد الفتاح عبد ربه، عن تحرير شقيقه وباقي زملائه، "مع سعادتنا بالإفراج عن عيسى، فاننا نتألم لأنه ترك خلفه شبابا وشيوخا من افضل من انجبت فلسطين"-يقول عبد الفتاح محاولا عدم اظهار علامات حزن ارتسمت على وجهه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق