أهلين

"من عرف الله سار، ومن سار طار، ومن طار حار". عجيل المقدسي.

الأحد، 23 أكتوبر 2011

البلدية لا ترد: من يدمر إرث رام الله الحضاري؟


لم يبق من علامات (عين اللوزة) احدى العيون المهمة، على وادي رام الله الغربي، نحو (عين قينيا) سوى بيت قديم مهجور، ارتبط بالعين التي لم يعد لها وجود، بسبب شارع يجري شقه في المنطقة.
يوم الاثنين 3-10-2011، كنت في جولة ميدانية، على العيون في تلك المنطقة، وصلت بصعوبة ومساعدة، ابراهيم عيدة، الفلاح الذي يعرف الكثير من اسرار تلك المنطقة، الى عين (القصر)، التي يطلق عليها الرعاة (عين المعلقة)، وارتبطت بجزء من ذاكرة المدينة، التي تضيق بالبنايات الإسمنتية على حساب أشجار الزيتون.
البنايات الإسمنتية اقتربت من عين القصر التي اورد الباحث ابراهيم نيروز، منظومات شعبية، طالما رددها اهالي رام الله عنها:
«عا عين القصر راحت تملي الرب يبارك والناس تهلي»
واخبرني الرعاة الذين يسقون اغنامهم من العين، ان التغيير الذي يعصف بالمنطقة، سيؤثر على عين القصر، وان صاحب الارض، يخطط لفتح شارع في المكان، وقد لا تمر الا عدة اشهر، وتبدأ البنايات الاسمنتية ترتفع، مغيرة معها، وللأبد الطبيعة الخلابة.
اخبرني الرعاة، وابراهيم عيدة، عن عين ماء صغيرة تدعى (عين البطة) تقع في الوادي الذي تطل عليه (عين القصر) التي تم تدميرها، بسبب مشروع للمجاري يجري العمل به، والشارع الذي يتم شقه.
لم أكن اعرف ان هذا سيكون الصدمة الاولى لي، فعندما توجهت الى (عين اللوزة)، اطللت من علٍ، فرأيت المنزل القديم الذي يدل على العين، بينما تعمل الشاحنات بكثافة، في رمي حمولتها، وتتولى الجرافات تسوية الركام.
صورت ما يجري، والتقطت لقطات فيديو، ولكنني احتجت لفترة لاستوعب ما يجري: تدمير احدى العيون المعروفة، هكذا دون أي احساس بالذنب، بينما لا يملك الرعاة والمواطنون الذين قابلتهم سوى التحسر، واجتراع الخيبة.
مرّ اسبوع، لادرك ان عين اللوزة، ليست العين الوحيدة، التي دمرت تماما، واصبحت تحت الركام، فبعد سبعة ايام، عدت الى المنطقة يوم (10-10-2011) لأتأكد مما جرى، وكأنني كنت أمني النفس بحدوث معجزة، توقف عمل الشاحنات، وتعيد المشهد الى ما كانه.
وعندما وصلت (عين اللوزة) لم يكن هناك أي اثر تحت الركام، الا مياه عادمة تُركت تتسرب، لعدم استكمال مشروع المجاري، وزيتونة دفن جزء منها، وتنتظر موتها بعد لحظات، بإباء. حيث لا تسمح قوانين البلدية كما فهمت بالسماح بنقل الاشجار التي سيدفنها الشارع.
واكتشفت، ان عيونا اخرى، لقيت نفس مصير (عين اللوزة)، و(عين البطة) مثل (عين الدلبة)، بينما تنتظر عيون اخرى المصير المؤلم نفسه.
تقع هذه العيون، على حافة الوادي، وفي مجراه، واستخدمت، من قبل المزارعين، والمتنزهين، وظلت شاهدة، على ما يصفه المواطن خالد حسن عطا الله، بزمن رام الله الجميل، ويتذكر كيف كان وصحبه ينزلون من وسط المدينة الى (عين قينيا) مرورا بهذه العيون التي تم تدميرها، تحت الركام الذي تحمله الشاحنات، وتضعه في مجرى الوادي، بينما يكتفي موظفو البلدية المشرفين على شق الشارع، بمراقبة امور تتعلق بالشارع والتزام سائقي الشاحنات بها.
سائق شاحنة من بلدة بير زيت روى اخر لحظات (عين اللوزة) الاخيرة قائلا: «حدث ذلك في بداية شهر رمضان الماضي، انا من افرغ الشاحنة الاولى في موقع العين، لمحتها كبركة ماء صغيرة، تعترض مسار الشارع، فوضعت فيها حمولتي».
وتعمل الشاحنات بكثافة، في رمي حمولتها في مسار الشارع الجديد، الذي يحاذي شارعا التفافيا، شقه الاسرائيليون، ليربط بين احدى المستوطنات، ومستوطنة (بيت ايل).
ومنع المحتلون، المواطنين، طوال سنوات من الوصول الى المنطقة، حتى الفترة الاخيرة، عندما خفّت حركة المستوطنين على الشارع، لإيجاد بدائل اخرى.
وقال مواطنون ورعاة اغنام ان لا احد حرك ساكنا تجاه ما حدث لعين اللوزة، بعد تدمير (عين البطة)، وهذا ما شجع في وقت لاحق على تدمير (عين الدلبة) وهو ما وقفت عليه يوم 10-10-2011، ورغم ان اعمال شق الشارع لم تصل الى هذه العين الاخيرة، الا ان الاسراع بتدميرها، وتغطيتها بالركام، يطرح عدة اسئلةحول نوايا مبيتة لبعض الجهات، التي لا اعرف من هي، بالانتهاء سريعا من عملية التدمير، قبل تنبه الرأي العام لما يحدث.
ومن المفارقات، انني استدللت على موقع (عين الدلبة) المدمر، برفقة احد المزارعين الذي ترك قطاف الزيتون مؤقتا ليرافقني، من خلال علامات وضعتها جهات اسرائيلية، على الصخور، تدل على مكانها.
وقال المواطن خالد حسن عطا الله وهو ينظر بمرارة الى موقع عين اللوزة، واشجار زيتون لقيت حتفها تحت ركام الشارع: «اعتبر عملية تدمير هذه العيون، عدم احساس بالمسؤولية من قبل بلدية رام الله، واحمل البلدية وسلطة المياه الفلسطينية المسؤولية عن ذلك، والجهات الرسمية البيئية، وايضا احمل جزءا من المسؤولية للمواطن الصامت عما يجري».
واضاف عطا الله: «هذه العيون تعني الكثير لنا، واذا كان ماؤها شح في السنوات الاخيرة، فلم نعد نستفيد منها كما ينبغي، الا انها تشكل ذاكرة لتاريخ رام الله، ولهذا الطريق الرائع نحو عين قينيا».
وتابع عطا الله: «نحن لسنا ضد التطور، ومع شق الطرق، ولكن مع المحافظة على الارث الحضاري والثقافي، وايجاد حلول عملية، لحماية هذه العيون، والاهتمام بها، والاشارة اليها، وتحفيز الاهتمام بها».
رافقت عطا الله، واخرين، الى عين قينيا، مرورا بعيون اخرى، لا ندري اذا كان الشارع سيبتلعها هي الاخرى ام لا؟، قال عطا الله: «حرمنا الاسرائيليون من المرور من هذا المكان، بعد شق الشارع الالتفافي، ولم يسمحوا لنا بالوصول الى المنطقة الا منذ عدة سنوات، وكان من المهم، بعد هذه العودة، الاهتمام بإرثنا الثقافي والحضاري التي تشكل العيون في المنطقة اهم ملامحه، كنت اتوقع من البلدية، ان تقدم على ترميم هذه العيون، وتثير اهتماما حولها، وتعيد انتاج (هوية) كل عين، بوضع لافتة تعريفية لها، حول تاريخها واسماء مؤسسيها إن وجدوا، واشياء من هذا القبيل، حتى عندما يكبر ابناؤنا يعرفون هذا التاريخ».
واضاف: «بالنسبة لكل انسان عاش في رام الله، وشاهد هذه العيون، وكانت جزءاً من مشهده العام والخاص، ولا يراها الآن، ولا يجدها، بعد ان اختفت فجأة، سيجد نفسه عاريا من ذاكرة مهمة، اكرر انه كان يمكن حماية هذه العيون وتدارك مصيرها المؤلم».
في اليوم التالي (11-10-2011) اتصلت بمكتب رئيسة بلدية رام الله جانيت ميخائيل، فلم اجدها، طلبت تحويلي الى مسؤولة القسم الثقافي في البلدية، فاستمعت الي ثم حولتني الى مسؤولة قسم الاعلام مرام طوطح، فشرحت لها الموضوع، طلبت رقم هاتفي الخلوي، لترد على تساؤلاتي حول تدمير عيون الوادي الغربي لرام الله، ولم تجبني حتى الآن.
ابدت بلدية رام الله اهتماما بعيون المدينة، وفقا لما تنشره من معلومات مقتضبة عنها على موقعها الالكتروني، ومنها العيون التي دُمرت، وفي (مشروع مئوية بلدية رام الله) خصصت جانبا ضمن (حماية الموروث الثقافي) لمشروع ترميم عيون المياه التاريخية، بقيمة 100 الف دولار، وتم الاعلان عن تنفيذ بعضها، ولكن هذا لم يمنع من ان تلقى عيون مثل (اللوزة) و(الدلبة) و(البطة) مصيرها المؤلم، لتختفي نهائيا.
لقد ماتت هذه العيون، ولن يعد لها ذكر، ولن يتوقف احد بجانبها ليستعيد مغناة اهالي رام الله عندما يردون عيونها:
«مرت من حدي والقلب قللي    هذول احبابي اللي سبونا
يما يا يما حملت جرتها      البيضا المزيونا محلا غرتها
احلى ساعاتي ساعة شفتها     والقلب يغني على دلعونا»
http://www.alhayat-j.com/newsite/details.php?opt=3&id=151565&cid=2387

هناك 4 تعليقات:

  1. Do you have any video of that? I'd care to find out some additional information.
    Here is my web-site transfer news central twitter

    ردحذف
  2. whoah this blog is magnificent i like reading your articles.
    Keep up the great work! You know, lots of persons are looking round for this information, you can help them greatly.
    Feel free to surf my site - transfer news football arsenal

    ردحذف
  3. If you experience some emotional or physical
    problems in your life it can soon be seen in the condition of your hair, using natural and organic products
    aids in the recovery of your hair. Likewise, using
    imported shampoos and conditioners from a tropical country when your climate is cold and temperate is not such a good idea.
    The product should be one that is made for your type of hair,
    whether it be dry, oily, curly or straight.

    Here is my web site ... hair products

    ردحذف
  4. Next, blend the oils and massage into scalp for two to four minutes
    before sleep. Identify your own hair trouble and go for a product
    which mainly addresses your needs. It only leaves a lustrous sheath on the hair and gives it a beautiful look
    rather and the greasy effect that is left by the usual hair oils.
    This is why many salon stylists always recommend a hot oil treatment
    for hair. As a hair growth stimulant, you can add 10 drops of rosemary oil, 10 drops of sandalwood
    oil and 10 drops of lavender oil to 50ml of carrier oil and massage it into your
    scalp.

    My site ... beauty products

    ردحذف