أهلين

"من عرف الله سار، ومن سار طار، ومن طار حار". عجيل المقدسي.

الثلاثاء، 6 ديسمبر 2022

الرصاص يقتل صانع الخبز





























 كان على يوسف مناع، وزوجته، أن يعيشا فجرا قاهرا، في منزلهما في مخيم الدهيشة، قرب بيت لحم، احتملاه كما تعودا، بدأ باقتحام المنزل، واعتقال ابنهما يزن، وبعد ربع ساعة أُخبرا باستشهاد ابنهما عمر.

التماسك الذي أبداه الاثنان، وجعلهما يصبِّران الأقارب والأصدقاء، بدا أسطوريا. لم يذرفا ولا دمعة، حتى وهما يودعا الابن الشهيد، ويتحسساه لآخر مرة، وفي الطريق إلى مثوى عمر الأخير في مقبرة الشهداء في قرية ارطاس القريبة من مخيم الدهيشة، حملت أم الشهيد النعش، منتصبة، صابرة.
بدأت الساعات الدرامية التي عاشها مخيم الدهيشة، فجر اليوم الإثنين، باقتحام قوة من جيش الاحتلال، ودهم عدة منازل، وتنفيذ حملة اعتقالات.
يروى الصحفي عطا مناع، عم الشهيد عمر: "في الساعة الرابعة والربع فجرا، اقتحم جنود الاحتلال منزلنا، الذي أعيش فيه أنا وزوجتي، وسألوا عن منزل أخي، كان الهدف اعتقال ابن أخي يزن، حققوا معه ميدانيا، وفتشوا المنزل مستخدمين الكلاب البوليسية، وخرجوا بعد اعتقال يزن".
يضيف: "كان عمر في المنزل، عندما اقتحمه جنود الاحتلال واعتقال يزن، الذي أدى إلى اندلاع مواجهات، وبعد ربع ساعة تقريبا، استشهد عمر".
شارك عمر مناع، مع رفاقه، في التصدي لجنود الاحتلال، وامتدت المواجهات إلى الشارع الرئيس أمام المخيم، حيث فتح جنود الاحتلال النار بكثافة نحو عمر ورفاقه، ما أدى إلى إصابة ستة منهم، مشى عمر بضع خطوات، مصابا بعدة رصاصات، حتى سقط على الأرض قريبا من باب مدرسة المخيم التي درس فيها. بينما نقل المصابون، وبينهم مصاب بحالة خطرة إلى المشافي.
خيم الصمت على المخيم، بعد انسحاب جيش الاحتلال، وعاش الناس ساعات من التأثر، فمعظمهم يعرفون عمر، بابتسامته العريضة، التي لا تفارق وجهه، وهو يصنع الخبز في مخبز العائلة في مدخل المخيم، ويخرجه ساخنا من التنور، ناثرا عليه من روحه المرحة، والمتفائلة.

عمر هو أحد وجوه مخيم الدهيشة الباسمة والفاعلة، ومثل باقي رفاقه يتصدون لاقتحامات قوات الاحتلال المتكررة، ويطلق عليهم "حراس المخيم".
شيع جثمان الشهيد عمر، من مستشفى بيت جالا الحكومي، وألقيت عليه نظرات العائلة والمحبين الأخيرة في منزله الذي غادره قبل ساعات، راشقا جنود الاحتلال الذين اعتقلوا شقيقه، بالحجارة.
بدت والدته متماسكة، تتأمل وجه فلذة كبدها، وتتحسسه، وتخاطبه بصمت، عله يسمعها، وتواسي النساء الحزينات.
صلي على جثمان الشهيد على الشارع الرئيس على بعد خطوات من مكان استشهاده، وسار المشيعون، خلف الجثمان، ليوارى الثرى في مقبرة الشهداء.
في موقع استشهاد عمر، تجمع الفتية، حول الدماء التي لم تجف، وبضعة رصاصات عليها دمه، أبقاها الفتية شاهدة، على لحظات الشهيد الأخيرة.
استشهد عمر، وأصيب رفيقه محمد شمروخ (19) عاما، إصابات حرجة، هذه ليست المرة الأولى التي يصاب فيها محمد. أصيب مرتان. سار على درب شقيقه رغد (23) عاما، الأسير في سجون الاحتلال، أمضى نحو ست سنوات ونصف في السجون.
عمر ومحمد من عائلتين مناضلتين، يسير الأحفاد على خطى الأجداد.
https://www.alhaya.ps/ar/Article/143363?fbclid=IwAR3Zlf5S0JvMNHra4eC7dqm0uTCgBCv4SHTJZf9hLN2zltyRukZT1egK24w

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق