أهلين

"من عرف الله سار، ومن سار طار، ومن طار حار". عجيل المقدسي.

الثلاثاء، 13 نوفمبر 2018

أسئلة سر الزيت الفلسطيني..!



































تَقدم وليد دقة، ربما على صهوة حصان فلسطيني، ليضع عملا أدبيا، في فورة الرواية ومجدها، من خلف القضبان، لمن هم خارجها، ولكنهم داخل دائرة أكبر من القضبان، ليؤكد على قدرة الحكي، في تأكيد هُوِيَّة، ديناميكية، تتطور، بنسغٍ يكاد أحيانا لا يُرى، يربطها بأغصان خضراء يانعة، شوحها نور الشمس وليس بجذورٍ تحت أرضية، محبة للظلام، بعد أن تعودته، فلا تجد سبيلا لها إلى الضَّوْء.

الرواية، رغم يقينية شخوصها، أو بعضهم، وخطابيتهم في أحيانٍ ليست نادرة، ووضوح رسالة الكاتب، إن جاز التعبير، إلّا أنها تطرح الكثير من الأسئلة، وهذا من صفات الأدب، كأدب.
*أولها، يتعلق بتصنيف الفئة العمرية التي تتوجه لها الرواية، وربما تجنب الناشر، أو المؤلف الإشارة إلى ذلك على الغلاف، بل أُغفل، تصنيف العمل أصلاً وفق التصنيفات الأدبية التقليدية (وإن أشار إلى ذلك على الغلاف الخلفي)، ربما بشكل مقصود، رغم أن الرواية، فازت في مسابقة عربيّة تخض أدب الأطفال، في حين اجتهدت بعض الأقلام فصنفتها رواية لليافعين، وأعتقد أنها يمكن أن تكون كذلك بقدر ما تكون كليلة ودمنة حكايات لليافعين. من الجميل أن نجد عملاً فلسطينيًا، يتجاوز التصنيفات ويخترق الفئات العمرية.
ما نفتقده في السياسة وفي النضال، من الجيد أن نجده في الأدب.
*في الصفحات الأولى من الرواية، ثمة عبور، يخص الكلب أبو ناب، لا يستمر في التتابع الدرامي للرواية. أين اختفى؟ وهل هو مرور عابر، أراده دقة كذلك، تاركا لخيال القاريء تتتبعه، وهو يتابع شخوص الرواية ورحلتهم الفانتازية إلى السجن، مخترقين الجدار، وحاملين الزيت المقدس، ومعهم، أبو ناب المدجن في دورة أميركية، بشروطٍ إسرائيلية؟ هل يُعلي الكاتب من قيمة الوحدة الوطنية، كقيمة مجردة؟ ولكن كيف تكللت الرحلة بالنجاح، أو النجاح النسبي، بوجود أبو ناب المدجن، والمهجن، صاحب المهارات في الشم؟
*تظهر أحيانا، ما يمكن تسميتها عدم ثقة الكاتب، بقدرة النصّ، على الإيحاء، والإيصال غير المباشر، فيلجأ إلى الخطابية المغلفة في أحيانٍ، بمنطقيات فلسفية تثقل النصّ، بل ويكشف كما يظهر في أخر الرواية، على لسان بطلها الطفل جود، رسالة الكاتب وفكره ومراهنته على المستقبل.
ليس مثل الإيحاء، والتورية، والتأويل، في حمل عمل أدبي، ليصل إلى القراء.
*يعيد الحوار الذي خطه الكاتب باللغة المحكية، الجدال الذي لم ينته حول استخدام اللغة المحكية في الأدب خاصة فيما يتعلق بالحوار. وإن كان وليد دَقة إنحاز للغة المحكية، فانه اضطر، إلى تقديم شروحٍ لكثير من الكلمات في هوامش الصفحات، مما يثقل عملية القراءة، ويعكس عدم الثقة بمفردات اللغة المحكية بالوصول السلس إلى القاريء.
إذا كانت اللغة المحكية، تحتاج الى شبه قاموس لفهمها، فلماذا استخدمها الكاتب؟
كنت أفضل، شخصيا لو اخنار اللغة الثالثة، الوسطى، في الحوار.
**
الرواية؛ انحياز لجموح الخيال، كمعادل، لجنوح الواقع، ولقدرة أبناء البلاد على توليد الأساطير، وخلقها وابتكارها، في مسير مستمر لحيوات أجيال البلاد.
**
الإيثار ونكران الذات الذي أبداه والد جود، نرى فيه الأسير وليد دقة نفسه، الذي يكتب كما يقول كي يتحرر من السجن، على أمل أن يحرره من نفسه (ولعله يحررنا معه)، وهو يفعل ذلك، وضع لبنة هامة في الأدب الفلسطيني الحديث، آملا أن لا تكون الأخيرة.
**
عدسة: حسن اللحام


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق