أهلين

"من عرف الله سار، ومن سار طار، ومن طار حار". عجيل المقدسي.

الأحد، 12 أغسطس 2018

توقيع أعظم خطاط في فلسطين على نُصب ساحة المهد


على نُصبٍ منسيّ في ساحة المهد في مدينة بيت لحم، يظهر توقيع صغير لما يوصف بأنه أعظم خطاطي فلسطين، الذي برز في النصف الأول من القرن العشرين.
على قاعدة نجمة المغتربين، وهي عبارة عن سارية تعلوها نجمة خماسية، يظهر توقيع عبد القادر الشهابي، الذي استعانت به (لجنة تحسين البلدة) في بيت لحم، ليخط النقوش على القاعدة الحجرية.
تبدو نجمة المغتربين الآن، معلما هامشيا، وكان يمكن أن تتم إزالته خلال أعمال تأهيل ساحة المهد عشية الألفية الثانية لميلاد السيد المسيح، لولا تدخل بعض المهتمين، فنقلت النجمة من ساحة المهد، إلى قرب بلاط كنيسة المهد.
عبد القادر الشهابي. خطاط الحكومة، ومدرسا في دار المعلمين، والمدرسة الرشيدية، وأول من وضع كراريس الخط في فلسطين.
حسب بعض المصادر، فان الشهابي، تلقى فن الخط على يد الخطاط التركي الشهير محمد عزت، في اسطنبول، وعرف الشهابي كخطاط أوّل في فلسطين لا يضاهيه أحدا في مجاله.
اتخذ الشهابي، من مبنى تاريخي في القدس القديمة يقع في سوق خان الزيت مقرًا له، في زقاق أبي شامة، المعروف الآن بحوش الشاويش. استأجره بأربعين جنيهاً فلسطينياً.
ومن الواضح انه كان للشهابي دورا اجتماعيا في القدس. يكتب خليل السكاكيني في يومية 18-تموز-1919م، عن الحر في القدس، وعن اجتماع حضره ممثلو الطوائف، كان منهم عبد القادر الشهابي: "منذ أيام اشتدّ الحرّ فجعلت استحمّ ثلاث مرات في النهار، وجعلت سلطانة تستحم مرتين. ذهبت بعد الظهر إلى نادي المجلس البلدي، حيث عقدت جلسة تحت رئاسة رئيس المجلس موسى كاظم باشا الحسيني، للنظر في الاحتفال بعيد الصلح الذي قرّرت الحكومة أن يكون في الرابع والخامس والسادس من شهر آب القادم، وقد حضر هذه الجلسة يعقوب فرّاج، متري سلامة، أنضوني الغوري، إبراهيم شمّاس، جورج سكسك، إلياس مشبك، وأنا من الطائفة الأرثوذكسية، ولطفي أبو صوّان ووديع كتانة، ومتيا أبو صوّان من الطائفة اللاتينية وميوحاس وإليا شار من الطائفة الموسويّة، والشيخ محمد صالح، وعادل جبر، ومحمود عزيز الخالدي، وعبد القادر الشهابي، وفخري الحسيني من المسلمين".
يقارن الدكتور نقولا زيادة بين نَسخ الكتب وطباعتها، ذاكرًا معلمه عبد القادر الشهابي: "ومما هو جديرٌ بالذكر هو أن نسخَ الكتب كان لا يزالُ الأساسَ في نشرِ الكتابِ، فالطباعةُ كانت في مهدِها. ومن هنا نرى أن كثيرًا من أهلِ العلمِ يحرصُ على أن يشيرَ إلى من علَّمَه الخط. فشهرةُ هذا المعلم تؤدّي إلى تدفق الطلبات على الناسخ الذي أتقنَ نسخَ مصحف مثلاً، وتنصبُ الأرباحُ بينَ يديه. وهذه العنايةُ بالخط تذكّرني بأنه في أيامِنا، لما كنا طلاّباً في مدرسةِ جنين الابتدائية وفي دار المعلمين، وذلك بين سنتي 1919 و19124، كان عندنا درس للخط، وكان يعتبر درسًا رئيسيّاً. وكم كانَ عقابُ المهملِ لِدرس الخطّ شديدًا على يد معّلِمنا في جنين، زكي بك، وعلى يدِ خطّاطِ حكومةِ فلسطينَ عبد القادر الشهابي الذي علّمنا الخطّ في دار المعلمين. ويكادُ الواحدُ يَحِسُ كأن الإشارة إلى الشيخ الذي دَرَّبَ الطالبَ على الخطَ تدلَ على أن مكانته لم تكن أقل منه منزلة معلّمِ اللغةِ العربيّة مثلاً".
ولم تستمر مكانة الشهابي المرموقة، لدى حكومة فلسطين في زمن الانتداب البريطاني، فصحيفة مرآة الشرق في عددها الصادر يوم 15 آذار 1930 تكتب: "السيد عبد القادر الشهابي، خطاط خبير مارس هذا الفن منذ أمد بعيد جدًا وله في آراء قيمة رحبت بها الصحف المصرية حين زيارته للقاهرة. هذا الخبير الفني قد أبلغته إدارة المعارف انتهاء خدمته فيها دون أن تذكر انه أمضى في سلك التعليم سبعة وعشرين عاما ودون أن تقدر له أتعابه الماضية، وفي عمل الإدارة جور كبير نرجو ملافاته".
ويذكر الخطاط المرموق محمد صيام، ابن قرية لفتا المهجرة، بفخر أنه تتلمذ على يد الشهابي، وانه الذي اكتشف موهبته عندما درسه في المدرسية الرشيدية في القدس، ورعاه وشجعه.
ووصف صيام في مقابلة له، أستاذه الشهابي، بأنه "أعظم خطاط في فلسطين". الذي يظهر توقيعه على نُصب نجمة المغتربين.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق