أهلين

"من عرف الله سار، ومن سار طار، ومن طار حار". عجيل المقدسي.

الجمعة، 28 أغسطس 2015

ربيع خليل توما..!






عندما سألت خليل توما، ذات يوم ربيعي عام 1990م، ونحن نقف أمام مقر صحيفة الفجر الإنجليزية، في القدس، التي  كان يرأس تحريرها، متى سيعود إلى الشعر؟ أجاب: "انتظروني في ربيع قادم".

طال غياب خليل الشعري، الذي أعتبره أبرز صوت شعري ظهر في الأراضي المحتلة عام 1967.

أصدر خليل، ديوانه (أُغنيات الليالي الأخيرة) وهو في السجن، ولاحقا أصدر ديوانين. خليل شاعر ملتزم وطنيا وطبقيا، له سيرة نقابية، في قيادة نقابة عمال الفنادق، ورئيسا لاتحاد الكُتّاب في الأراضي المحتلة.

وهو نموذج مضاد للنماذج الفاسدة، التي أفسدت نفسها، وحركتنا الثقافية. وعلى الصعيد الشخصي، هو نموذج عصامي.

حافظ خليل على عِفته الشعرية والسلوكية، ولم يكن جزءًا، من السقوط المدوي، الذي بدا جمعيا، في أوساط المثقفين الفلسطينيين، وفقدان الحركة الثقافية الفلسطينية لحسها الأخلاقي، الذي تعمق مع هزيمة حركة المقاومة الفلسطينية المعاصرة.

قدم خليل، إلى الهيئة المسؤولة عن القدس عاصمة للثقافة العربية (2009)، مجموعة أعماله الكاملة، وكما يمكن أن تخمنوا، لم تجد مكانا، وسط اصدارات سريعة واستهلاكية، وكتبت حينها، وأنا أتذكر دبيب خليل الكفاحي، والثقافي، والاجتماعي، في القدس، بانه لا معنى للقدس عاصمة لأي شيء، بدون خليل توما وأمثاله.

في الأسبوع المقبل، كما أخبرني خليل، ونحن في مزرعته الصغيرة في بيت جالا، التي اقتربت منها جرافات الاحتلال، ستصدر أعماله الشعرية الكاملة، كما يسميها خليل، وتشمل اضاءات نقدية، ومقتطفات من مقالات كتبها في الصحف.

رأيت أشعار خليل، نقشها أسرى على زنازين معتقل المسكوبية، وأراها تُخط على جدران المخيمات، مِن جيل لا يعرف مَن هو صاحبها.

صدور أعمال خليل، بمبادرة منه، وبتمويله الشخصي، وصمة على جبين المؤسسة الثقافية الرسمية، أظنها لن تُمحى، هذا إذا جاء وقت وتذكر أحد بانها كانت موجودة...!

أهلا بربيع خليل، حتى لوّ تأخر..!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق