أهلين

"من عرف الله سار، ومن سار طار، ومن طار حار". عجيل المقدسي.

الاثنين، 24 أغسطس 2015

الرواية رحلة بحث… تسأل كثيراً ولا تقدم إجابات




أحاول رصد الخيبات والآمال المجهضة في الواقع الفلسطيني ولا أريد تحويل الهزائم إلى نصر واهم

القاهرة – السيد حسين: بريشة أدبية رائعة رسم الكاتب والأديب الفلسطيني أسامة العيسة, في روايته “مجانين بيت لحم”, الفائزة بجائزة الشيخ زايد فرع الآداب, أَجمل لوحات التمرد على الواقع المألوف حين يخرج المجانين من عَنابرهم وأقسامهم في “دير المجانين” ويقَدمهم لجمهوره تَحت لواء عَميد الجنون في فلسطين عجيل المَقدسي, آتياً به من بطن التاريخ.

 وقد أبدى الروائي أسامة العيسة سعادته لحصوله على الجائزة, وقال إنه يشعر بالسعادة نفسها منذ وصلت روايته إلى القائمة الطويلة ومن ثم القصيرة وسط كوكبة من كبار المبدعين في العالم العربي.وأضاف أن الفوز بالجائزة يعد مساهمة في إعادة وضع الأدب الفلسطيني في المكان الذي يجب أن يكون فيه عربيا.وهو ما يتحدث عنه في السطور التالية:

* من أين استقيت فكرة روايتك “مجانين بيت لحم” وكم استغرقت من الوقت لتصل للقارئ?

* من الصعب تحديد كيف بدأت الفكرة, مشروعي الروائي قائم على تقديم المكان الفلسطيني إبداعيا, خصوصا وأنا شاهد على عملية العصف به من قبل الاحتلال الإسرائيلي, فكرة أي عمل أدبي تبدأ جنينا وتتبلور, بشكل لا يتوقعه أحيانا الكاتب. لقد استغرقت سنوات في كتابة هذا العمل الذي أردته جديدا في كل شيء.

 * هل كنت تتوقع للرواية الوصول للقائمة القصيرة لجائزة الشيخ زايد ومن ثم الفوز بها? وهل أنت راض عن ردود الأفعال?

 * الكاتب غالبا لا يفكر في الجوائز, لكنه يريد أن يعبر عن فكرة, وأن يسعى لإيصالها. ما حدث مع “مجانين بيت لحم”, أنها أدرجت في القائمة الطويلة لجائزة الشيخ زايد, ثم القصيرة, وفاجأتني بفوزها, وساعدها هذا الفوز على الانتشار والاهتمام أكثر, وأنا سعيد بردود الأفعال علي الرواية.

* ماذا أضاف لك وللأدب الفلسطيني الفوز بالجائزة?

* بالنسبة لي أسعدتني الجائزة, لأن هناك من أشعرني بأنني أسير على طريق صحيح فيما يتعلق بمشروعي الأدبي, وهذا حافز لان أكمل, وبالنسبة للأدب الفلسطيني, فالفوز مساهمة في إعادة وضع الأدب الفلسطيني في المكان الذي يجب أن يكون فيه عربيا والمكانة التي يستحقها.

* روايتك مليئة بالخيبات والانكسارات والشخصيات البائسة والمكسورة وفيها أيضا جانب مبهج رغم كل هذه الخيبات, ماذا قصدت من ذلك?

* فلسطين, بلد يتعرض لاحتلالات متتالية, حاولت رصد الخيبات والآمال المجهضة, لم أهدف إلى تجميل الواقع, وتحويل الهزائم إلى نصر واهم, مستعينا بالغرائبي والسخرية والجنون. غوص في الواقع

* هل تروي “مجانين بيت لحم” الواقع الفلسطيني بعين المثقف والكاتب?

* أردت في الرواية أن يكون القارئ شريكا, وليس مجرد متلق, لذا فإن الرواية هي رحلة غوص في الواقع, تلاحظ ما هو مدهش ومثير, لم أقع في فخ تقديم الواقع برؤية فئة معينة, قد تكون جزءا من المثقفين, وإنما الرواية رحلة بحث تسأل أكثر من أن تقدم أجوبة.

* أحداث الرواية غير المتوقعة وتسلسلها المرن أنقذاها من عنصر التكرار والرتابة, هل فطرة الإبداع والموهبة وحدها القادرة على ذلك أم ان تراكمات خبرة الكاتب تساهم في هذا الأمر?

* إذا صح ما تقوله عن روايتي, فهذا مصدر بهجة وسعادة لي, ومكافأة على الجهد المبذول فيها, الرواية قد تبدأ بفطرة الإبداع كما تسميها, لكنها فقط بداية, يعقبها تخطيط ودراسة ومراجعات متكررة.

* الخيال كان له دور كبير في إنجاح هذا العمل, إلى أي مدى اتكلت عليه?

* العمل الأدبي بشكل عام يجب أن نتعامل معه على أنه خيال, فالأدب حتى لو كان يعكس الواقع, إلا أنه يتجاوزه إبداعيا وفنيا.

* شخصيات هذه الرواية المختلفة, كم اقتربت من الحقيقة وشابهت شخصيات حقيقيةً?

* كثير من شخوص الرواية مستمد من أشخاص حقيقيين, لكنهم على الورق يتحولون إلى ما يفيد العمل الروائي, الرواية مزيح من الحقيقة والخيال, والغرائبية.

* صدر لك الكثير من الأعمال الأخرى ما بين القصة والرواية والتاريخ والاثار منها علي سبيل المثال “رواية المسكوبية” “مخطوطات البحر الميت” ,”كم طلقة في مسدس الموساد”,”من خان آيات الأخرس” وغيرها, حدثنا عنها?

* لدي إصدارات في التحقيق الصحافي والبحث والأدب وجميع هذه الحقول وغيرها هناك ما يجمعها, في كتابي عن مخطوطات البحر الميت, قدمت لأول مرة الرواية العربية لقصة اكتشاف هذه المخطوطات المهمة, وعلى لسان أحد مكتشفيها, وفي كتابي عن الموساد تتبعت الاغتيالات التي نفذها جهاز الاستخبارات الإسرائيلية الخارجية, وفي كتابي عن آيات الأخرس, قدمت حكاية فدائية فلسطينية, إثر استشهادها في حينه في الرأي العام العربي. أما رواية المسكوبية, فهي عن القدس والأسرى في سجون الاحتلال الإسرائيلي.

* هل اختلفت طريقة السرد ما بين الرسائل للسرد القصصي وبين القصة القصيرة والرواية?

* استفدت من فنون عدة في كتابة روايتي, من بينها القصة القصيرة, والتحقيق الصحافي, والأساليب التراثية, والحداثية وغيرها. القصة القصيرة

* ما رأيك بالقصة القصيرة جدا التي بدأت تشهد رواجاً عربيا كبيراً?

* أنا منحاز للقصة القصيرة جدا كما ظهرت عند مبدعين كبار مثل يوسف إدريس وزكريا تامر ومحمد المخزنجي وغيرهم, أما ما أطلع عليه خصوصا على وسائل الاتصال الاجتماعي, فأظن أنه يسيء لهذا الفن.

* البعض يتهم الومضة القصصية بالاستسهال وعدم الاهتمام من قبل كتابها , فماذا تتطلب الومضة?

* بالنسبة لكثير من الكتاب, نعم ما نقرأه لهم هو نوع من الاستسهال, إذا أراد كتاب القصة القصيرة جدا التأثير والديمومة, عليهم متابعة ما قدمه غيرهم من الرواد مثل الذين ذكرت أسماءهم, ويعملون على تجاوزهم.

* هل أصبحت الومضة القصصية نوعًا أدبياً جديدًا? وهل تحدد بعدد معين من الكلمات? ومتى نطلق الومضة على نص أدبي?

* لست متشجعا لهذا الفن, رغم أنني منفتح على جميع الفنون, أي فن يكتسب مكانته بقدر ما فيه من إبداع. ضعف النقد

 * هل أنصف الإعلام والصحافة والنقد روايتك?

 * نعاني في العالم العربي, بشكل عام من ضعف النقد الأدبي أو غيابه, أنا من الذين يعتقدون أن النقد غصن إبداعي مستقل, ولا شك أن هناك أسماء نقدية تمكنت من اثبات وجودها, على الساحة الثقافية العربية, إلا أن المبدعين بشكل عام يشكون من عدم التفات النقد لأعمالهم, بالنسبة لروايتي, نشرت الكثير من المراجعات الصحافية والمداخلات النقدية, وأنا سعيد بها.

* هل أثر العمل الصحافي في النص الروائي والأدبي عندك?

 * الصحافة بالنسبة لي أحد الأنهار التي أنهل منها في أعمالي, ليس لدي تلك النظرة التي تنتقص من قيمة الصحافة, قدمت لي الصحافة الكثير. * التابوهات الثلاث تثير الكثير من الحساسية, رغم أن الملاحظ تابو السياسية لم يعد كما كان, هل يمكننا الحديث عن حدود في الإبداع?

* لدى كل كاتب في العالم العربي, رقيب صغير أو كبير, بالنسبة لي مثلا انتظرت أكثر من عشرين عاما لأقدم الأسير الفلسطيني كبشر, في حين كان يقدم كشخص شبيبه بالسوبرمان, ولا شك أننا نعيش ظروفا أفضل على مستوى الانفتاح في هذا الجانب, لكن الكاتب العربي مازال يفتقد الكثير من الحرية, الطريق نحو الحرية بالنسبة للكاتب العربي مازالت طويلة.

 * كيف ترى الأحداث العربية الحالية بعد تلك الثورات وما يحدث بالعالم العربي من أحداث ومتغيرات?

 * من المؤسف أن يتحول الربيع العربي القصير, إلى خريف دائم, بصراحة لا يمكن أن تكون هناك ثورات من دون ثقافة جديدة, ورؤى ثورية, مشكلة الشرق هي إعادة إنتاج ذاته. ما يحدث في العالم العربي محبط للغاية.

 * كيف يمكننا فهم فكرة صراع الأجيال بين الروائيين من جهة وبين الروائيين والنقاد من جهة أخرى وبين النقاد من جهة ثالثة?

 * صراع الاجيال الأدبية, فكرة مفتعلة, يمكن ان نتحدث عن تناقضات جمالية وابداعية, واختلاف في الرؤى. بالنسبة للنقد انا انظر اليه, كحقل ابداعي مستقل, ويمكن ان يكون رافداً ابداعياً للرواية, لا توجد صراعات تناحرية بين الاجناس الابداعية.

* ما تقييمك للمشهد الثقافي الفلسطيني?

 * من الصعب تقييم المشهد الثقافي الفلسطيني, لأنه متنوع, ولكن فيما يتعلق بالرواية, حصل تراجع في السنوات التي أعقبت اتفاق اوسلو, وبعد ما اسميه الغفوة الطويلة, تحقق الرواية الفلسطينية, منذ سنوات حضورا, آمل أن يصبح لافتا ودائما.

 * يسجل على الصعيد النقدي الفلسطيني نقص كبير في الدراسات النقدية, خصوصاً النقد المواكب للروايات الحديثة والمعاصرة, هل يسمح التراكم الموجود للمتن الروائي الفلسطيني بإعطاء أحكام نقدية صارمة تميز الرواية الفلسطينية عن غيرها? وما علاقة الناقد بالروائي كما يجب أن تكون?

 * كما هو حال العالم العربي, يشيع في فلسطين ما نسميه النقد الصحافي, او المراجعات الصحافية, هناك اسهامات لبعض الاكاديميين, لكنها لا تلتفت كثيرا الى الادب الفلسطيني الحديث, مهتمة اكثر بالأدباء المكرسين محليا وعربيا. أُرحب دائما بأحكام النقد الصارمة والناعمة.

 * بمن تأثرت من الكتاب عربياً وعالمياً?

* قرأت لكثيرين من الكتاب العرب والأجانب, من جبران والمنفلوطي, والرافعي, إلى يوسف إدريس, وعبد الرحمن الشرقاوي صاحب (الأرض), وتوفيق الحكيم, وطه حسين, وكُتاب مرحلة الستينات في مصر, والقاص سعيد حورانية, ومن الأجانب شدتني عوالم تولستوي, ودستوفسكي, ومكسيم غوركي, وفكتور هيغو, وأرنست هيمنغواي, وميخائيل شولخوف, وجنكيز ايتماتوف, والبير كامو, وجون شتاينبك, وفوكنر, وارسكين كالدويل, وماركيز, وميلان كونديرا, وماريا يوسا, وامبيرتو ايكو, وغيرهم كثر. وتعددت مطالعاتي في التراث, فقرأت ألف ليلة وليلة أكثر من مرة, والأغاني, والعقد الفريد, والمقامات, والحلاج, والمتنبي, والمعري, والجاحظ, وإخوان الصفا, والأدب الأندلسي, والمعلقات والشعراء الصعاليك, وفتنتني لامية الشنفري, وتوقفت عند شاعر عظيم, هو طرفة بن العبد.

الجوائز

* حصلت على أكثر من جائزة, ما رأيك بالجوائز الأدبية? هل تشكل دليلا على إبداعية المنتج الأدبي?

* المبدع يحتاج دائما إلى الاعتراف, عندما أكتب نصا, لا أستطيع تقييمه, إلا إذا قرأه الآخرون, وأبدوا رأيا فيه, الجوائز عندما تتمتع بنوع من المصداقية النسبية هي بالتأكيد دليل ما على أن هناك شيئا لدى المبدع أراد أن يقوله وفهمه الآخرون وقدروه. * ما جديدك? * سأستمر في خطتي في الكتابة والنشر, لكن بالتأكيد بحرص أكبر, لإحساسي بثقل المسؤولية.

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق