عندما كان عمر
راشيل كوري 12 عاما، وقفت أمام زملائها الطلبة، وقالت بأنه إذا تم توزيع الثروة
بعدل، فلن يكون هنالك جائع في العالم، يوجد طعام يكفينا جميعا.
كوري، الفتاة
الأميركية التي تمتعت بحس عال تجاه حقوق الانسان، تحولت إلى رمز للنضال ضد
الاحتلال الإسرائيلي، الذي قتلها يوم 16 آذار 2003، بدهسها بواسطة جرافة عسكرية،
عندما وقفت تدافع عن هدم منازل المواطنين في رفح.
رحلت كوري
وعمرها 23 عاما، وبعد 11 عاما من رحليها، ما زالت تلاحق الاحتلال. حيث تنظر
المحكمة العليا الإسرائيلية في استئناف ضد قاتليها، رفعه والدها.
الوالدان كريغ
وسيندي يأتيان بشكل دوري إلى فلسطين، ومنذ 9 أعوام، يتابعان قضية ابنتهما، بعد ان
فشلت لجان تحقيق وعدت الحكومة الإسرائيلية بتشكيلها في الوصول إلى الحقيقة. رفعا
قضية ضد جيش وحكومة الاحتلال عام 2005، تحملهما المسؤولية عن استشهاد ابنتهما، بعد
ان ابلغت وزارة الخارجية الأميركية العائلة، بان التحقيق الإسرائيلي في مقتل
الابنة لا يفي بالمعايير اللازمة.
حزن عميق يسكن
قلبي كريغ وسيندي، إلا ان ذلك، لم يمنعهما من مواصلة طريق ابنتهما، ولكن بشكل اخر،
وهو محاكمة جيش الاحتلال، وكشف معاييره "الأخلاقية" الزائفة التي يكثر
الحديث عنها.
لجأ الوالدان
إلى الاستئناف، بعد ان برأت المحكمة المركزية في حيفا، في شهر آب 2012، جيش
الاحتلال من المسؤولية عن مقتل راشيل.
سخرت سيندي
كوري، في حديث لـ"الحياة الجديدة" من قرار المحكمة المركزية قائلة:
"رأت تلك المحكمة ان جميع من كانوا في المكان الذي استشهدت فيه ابنتي، تصرفوا
بطريقة صحيحة، وفقا لقوانين المحتل باستثناء راشيل، انه أمر محزن ومثير للسخرية في
آن".
سيندي وزوجها
متقاعدان، ورغم تواضع دخلهما، إلا ان لديهما الاصرار على مواصلة الطريق حتى النهاية.
تولى أصدقاء
للعائلة الترجمة خلال نظر المحكمة العليا في الاستئناف، ولكن من خارج القاعة، أمّا
في داخلها فاستعان الوالدان بمترجم تقاضى 1400 دولار على الجلسة الواحدة، وهو ما
قالت سيندي كوري بأنه مبلغ باهظ.
كشف الوالدان،
لمراسلنا، بعض الخروقات الاحتلالية خلال سير القضية، منها عدم التزام حكومة
الاحتلال بشرطي العائلة الموافقة على تشريح جثة الابنة.
قالت سيندي:
"وافقنا على تشريح جثمان ابنتنا، بشرطين الأوّل ان يتم ذلك بحضور مندوب عن
السفارة الأميركية لدى تل أييب، وان ينفذ التشريح طبيب مهني يتمتع بمصداقية، وان
يكون مقبولا لدى الأسرة".
واضافت:
"بالنسبة للشرط الثاني، لم تلتزم حكومة الاحتلال، وتولى التشريح طبيب متقاعد
عمل في المعهد العدلي الإسرائيلي في أبو كبير، وتم التشريح دون وجود مندوب من
السفارة الأميركية، وبهذا لم تلتزم ايضا بالشرط الثاني".
وحسب سيندي
كوري، فان العائلة اكتشفت، عدم التزام حكومة الاحتلال بالشرط الأوّل، بشكل عرضي،
عندما طلبت الأسرة، من الجهات الأميركية الرسمية المعنية مراسلات متعلقة بالقضية،
وعثرت على رسالة الكترونية من موظف في السفارة يخبر فيه مرؤوسيه تعليقا على تقرير
تشريح جثمان راشيل، بان لا أحد من السفارة حضر التشريح.
وقالت سيندي:
"تشريح جثة ابنتنا تم وفقا للرؤية الإسرائيلية، لقد تم بين إسرائيليين، وسط
جهات إسرائيلية، لذا فانه غير اهل للثقة بالنسبة لنا".
خلال أيام
سيتلقى الوالدان، قرار المحكمة العليا الإسرائيلية بقبول الاستئناف أو رده، وفي
هذه الأثناء، فانهما يواصلان العمل على خطى راشيل، كما حدث بلقائهما مجموعة من
الطلبة الأميركيين الذين يزورون فلسطين، استمعوا إلى شرح عن جريمة الاحتلال بقتل
راشيل، وجرائمه الاخرى منهما.
الناشط في
المقاومة الشعبية الدكتور مازن قمصية، يرى بان راشيل كوري ما زالت تواصل هي الأخرى
نضالها ضد الاحتلال، فمراسلاتها الالكترونية خلال وجودها في فلسطين تحولت إلى
مسرحية بعنوان (اسمي راشيل كوري) قدمت في أكثر من 70 بلدا، باللغات المحلية.
مسؤول
إسرائيلي، قال للعائلة: لقد تسببتم بضرر كبير لنا، رد عليه الوالدان: انتم من
تسببتم بضرر كبير لنا، لقد قتلتم ابنتنا..!".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق