ينتمي الياس حلبي،
الذي ولد في القدس عام 1984م، لعائلة كانت شاهدة على العصف السياسي بالأرض
المقدسة، منذ أكثر من قرن.
عاش حلبي، وما يزال
في منازل العائلة، قبالة قبة راحيل، المقام الشعبي-الديني، الذي تحول إلى جيب
استيطاني-عسكري وسط مدينة بيت لحم، وفي عصب المدن المقدسة الثلاث: الخليل-بيت
لحم-القدس.
بالقرب من منازل
العائلة، وعلى جزء من أراضيها، أقيم مخيم بيت جبرين المعروف شعبيا باسم مخيم
العزة، عقبة النكبة، ليستقبل اللاجئين من بلدة بيت جبرين، وغيرها، يحده من
الجانبين: شارع بيت لحم-القدس، وشارع الخليل-القدس.
عايش حلبي، استمرار
مأساة شعبه، وشهد العملية التي لم تتوقف حتى الآن، في بناء جدار التوسع والعزل،
ويعيش يومياته كفنان فوتوغرافي، يلتقط الصور، ويعمل عليها، على وقع المواجهات قرب
قبة راحيل، التي تحولت، منذ أن أصبح عمره عشرة أعوام، إلى خط التماس الجديد، بين
الفتية، وجنود الاحتلال.
يحاول الياس، الصامد
في منزله، اتقاء عدوان الجنود المستمر، بتصفيح الجوانب المحيطة بالمنزل، ولكنه
يلجأ، باستمرار إلى عدسته، ليوثق، ويقدم رؤيته لما يجري، كما في معرضه (وراء الجدار
جدار) الذي افتتح في الفندق المحاط بالجدار.
في عام 2014م، عرض
حلبي، عشرين صورة، على الجدار بعنوان: وراء الجدار دار، وعاد ب 16 صورة جديدة مختارا
لمعرضه الجديد نفس العنوان، ليقول إنه ما زال هناك أمل.
الصور التي التقطها
حلبي، تشكل تجربة جديدة في مسيرته الفنية، تقترب من الفن التشكيلي، التقطها من
خلال شقوق وثقوب صغيرة في جدار الفصل والنهب الذي يفصل مدينة بيت لحم عن نفسها، وأراضيها
التي ضمتها سلطات الاحتلال إلى حدود بلدية القدس الاحتلالية.
يقول حلبي: "تُصور،
الصور، ما رأيته، من خلال الصدوع الصغيرة في الجدار، مثل منزل جارنا، وأراضي
ناسنا، وأشجار الزيتون، وشوارعنا".
يضيف: "شهدت على
تغير حارتنا، وتقلصها بسبب الجدار الإسمنتي الصلب الداكن؛ محلات ودكاكين اختفت،
وكذلك منازل، وأراض، وأشجار، وذكريات، وحيوات كاملة، أرادوا لها موتا بطيئا، مع
ذلك أردت أن أقول من خلال ما وثقته من الصدوع، إنه يوجد أمل، وستعود تلك الحيوات،
بحجارتها، ومنازلها، وأشجارها، وترابها".
يؤكد حلبي، أنه يؤمن،
إيمانا عميقا، بقابلية السرد التي تتصف بها الصور وقدرتها على رواية القصص، ويأمل
أنه تمكن، من خلال صوره، أن يشعر الناس كأنهم اخترقوا الجدار، وساروا نحو القدس
بكل حرية، وذلك من خلال صدع صغير في الجدار، تمكنت عدسته من اختراقه ورؤية وما
يخفي خلفه.
يبرز حلبي، بصوره،
الألوان التي فرضها شعبنا على الجدار، الذي يعتقد أنه، هدف لتحطيم نفسية شعبنا،
الذي تمسك بالأمل والصمود، كما يقول حلبي: "من خلال مفاتيح منازل اللاجئين،
اللذين لا يزالون مصرين على العودة إلى ديارهم وأراضيهم، والمنازل التي فصلها
الجدار عن جذورها، وحاراتها، وأرضها، وانعكاس شجرة الزيتون، على مكانها قبل اقتلاعها
من جذورها، لبناء جدار التوسع".
رغم أن الصور
المعروضة تحكي قصصا درامية وترصد معاناة من الواقع المعاش، فان الزوايا التي أخذت
منها هذه الصور والرؤية الأخاذة والتقنية العالية أضفت معاني الجمال على المعرض،
وبثت فيه الأمل والإحساس بالتفاؤل وروح التغيير، بعد ما يقارب العشرين عاما على
بناء جدار الفصل والتوسع في مدينة بيت لحم.
شارك الياس حلبي، في
عدة معارض جماعية وفردية، محليا ودوليا، من أهم معارضة الجمعية معرض (Bethlehem
rebortn) الذي أنتج عام
2019، وجال في عواصم عالمية عديدة، وهو الآن في باريس. من معارضه الفردية، بين
البصر والبصيرة عام 2020 وأوردة عام 2021.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق