ودع أهالي مخيم الدهيشة، قرب مدينة بيت لحم، نظمية عبد الفتاح مزهر (أم خالد)، زوجة مبعد، ووالدة أسرى، وجدة شهيدين.
تعتبر أم خالد، التي رحلت عن 86 عاما، واحدة من الوجوه المناضلة في تاريخ المخيم، منذ لجأت من قريتها خلدة، غرب القدس، إلى المخيم.
اعتقلت سلطات الاحتلال، زوجها حلمي مزهر (أبو خالد) في عام 1969م، وأبعدته إلى الأردن، لتبدأ رحلة معاناة جديدة في ظل الاحتلال الجديد.
يقول الناشط المجتمعي والأسير السابق يوسف أبو لبن: "كانت أم خالد أحد الدروع الحامية لشباب المقاومة الشعبية في مخيم الدهيشة، وكان بيتها حاضنة وطنية حقيقية، اعتقل الاحتلال أبناءها تباعا في سجون الاحتلال عبر كل مراحل المقاومة الشعبية في المخيم".
منع الاحتلال، أم خالد، من السفر إلى الأردن منذ بداية الانتفاضة الأولى وحتى عام 1993 كإجراء عقابي.
يستذكر أبو لبن الراحلة قائلا: "كانت الأكثر جرأة في الدفاع عن أطفال وشباب الانتفاضة عند تعرضهم للاعتداء والاعتقال من جنود الاحتلال، وتعرضت مرات عديدة للضرب المبرح والاعتقالات، والاستجواب من جنود الاحتلال، ومخابراته".
كان على أم خالد، بعد مسيرة معاناة طويلة، أن تفجع أيضا، قبل سنوات قليلة باستشهاد حفيديها، أركان ثائر مزهر، وساجد عبد الحكيم مزهر. رحلت وابنها ثائر، والد الشهيد الطفل أركان في المعتقل، يقضي فترة اعتقال إداري.
قال ثائر، في اتصال هاتفي من السجن مع "الحياة الجديدة": "رحم الله الوالدة التي جرت علينا في السجون، في غياب والدنا المبعد، وجدة الشهيدين، سنظل أوفياء للمبادئ التي ربتنا عليها".
ونعى مدير مؤسسة إبداع الدهيشة خالد الصيفي، أم خالد: "وأنت تغادريننا، أيتها المناضلة العنيدة إلى حيث هم، أخبري ساجد بأن عقارب ساعتنا ما زالت تدور، وأن يومنا النضالي لم تنقص ساعاته بعد، وأن العشرات من الفتية قد التحقوا بالمدرسة على الطريقة الساجدية، وأخبري أركان، بأننا ما زلنا نحفظ عن ظهر قلب، طريقة العد التصاعدي النضالي، وأن الليمون الرمضاني الذي كان يعده، ما زالت بسطاته على جوانب الشارع الرئيس أمام المخيم".
وعبر الحقوقي شوقي العيسة، عن حزنه لرحيل أم خالد: "هل تموت القلاع الشامخة؟ زوج مبعد، أبناء أسرى، أحفاد شهداء، رحلت أم خالد، لكن رحيلها ليس كرحيل سائر البشر، ستبقى روحها مغروزة في قلوب وعقول أهالي مخيم الدهيشة، مثالا في الصبر والإرادة والشموخ".
يتذكر جارها، الصحفي حمدي فراج، جزءا من مفارقات رحلتها النضالية الطويلة: "كانت تذهب لزيارة زوجها المبعد، كل سنة تقريبا، وتعود حاملا، على الجسر يسألها المحقق عن حملها، وينعتها بكلمة قبيحة، اعتقل كل أبنائها الستة، يكفيها فخرا أن ضابط الشاباك المكنى "كريم" كان يجاهر أنه لا يخشى من الدهيشة عند اقتحامها إلا من ثلاث نساء، إحداهن نظمية".
يضيف فراج: "سنظل نذكر أم خالد، لقد رحلت دون أن تكحل عينيها، بعودتها إلى مسقط رأسها قرية خلدة، رحلت دون أن تكحل عيونها بشيء مما يتكحل به المتكحلون والمتكحلات. رحلة طويلة من العذاب والألم والتضحية والفداء".
"لقد سقطت عكازة أم خالد، ورحلت أيقونة المخيم".. يقول يوسف أبو لبن.
https://www.alhaya.ps/ar/Article/138276/%D8%A3%D9%85-%D8%AE%D8%A7%D9%84%D8%AF-%D9%83%D8%A7%D9%86-%D9%8A%D8%AE%D8%B4%D8%A7%D9%87%D8%A7-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%A7%D8%A8%D8%A7%D9%83
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق