أهلين

"من عرف الله سار، ومن سار طار، ومن طار حار". عجيل المقدسي.

الأحد، 7 نوفمبر 2021

منزل على تلة مستباحة..!




 


الشيخ موَنِّس-الحياة الجديدة-أسامة العيسة-على تلة قبالة البحر الأبيض المتوسط، قريبة من نهر العوجا، الذي ينبع من رأس العين، ويصب في البحر، تتناثر أبنية جامعة تل أبيب التي انتقلت من حرمها القديم إلى هنا في ستينات القرن الماضي، لتستقر على أنقاض قرية الشيخ موَنِّس، التي تقع شمال مدينة يافا، وتعتبر واحدة من أجمل قرى عروس البحر.

ليست فقط جامعة تل أبيب من بنيت على أنقاض القرية، ولكن أيضا عدة متاحف، أكبرها وأشهرها متحف "أرض إسرائيل"، تقدم الرؤية الصهيونية لتاريخ فلسطين، ومجمعات سكنية وفنادق، قريبة من البحر، ومنشآت لتوليد الطاقة.

حافظت العصابات الصهيونية، على أحد منازل القرية، الذي يعرف الآن باسم البيت الأخضر، وهو يعود لمختار قرية الشيخ موَنِّس، إبراهيم كحيل، ولكن جامعة تل أبيب خصصته، لنادي هيئة التدريس، على اسم مرسيلو جرودون، وأَوّلت له تاريخا.

يقول المؤرخ الإسرائيلي إيلان بابه: "يُدعى نادي هيئة التدريس والإدارة في جامعة تل أبيب، البيت الأخضر. وكان أصلاً بيت مختار قرية الشيخ موَنِّس، لكن لن تكون قادراً أبداً على معرفة ذلك فيما لو دعيت إلى هناك لتناول طعام العشاء، أو للمشاركة في ورشة عمل تبحث في تاريخ البلد، أو حتى في مدينة تل أبيب بالذات. وتذكر قائمة الطعام في مطعم نادي هيئة التدريس والإدارة أن المكان بُنيَ في القرن التاسع عشر، وأن مالكه كان شخصاً ثرياً يُدعى "شيخ مُونيس"- وهو شخص خيالي عديم الملامح في موضع خيالي، كما كل الناس الآخرين "عديمي الملامح" الذين كانوا يعيشون ذات مرة في القرية المدمرة الشيخ موَنِّس، التي بُنيت جامعة تل أبيب فوق أنقاضها. بكلمات أخرى: البيت الأخضر هو الصورة المصغّرة لإنكار الخطة الصهيونية الرئيسة لتطهير فلسطين عرقياً".

ولكن بيتا آخر، أقل شهرة، يقع في الحديقة الكبيرة خارج الحرم الجامعي، ما زال هو الآخر، يرمز إلى القرية المدمرة، إضافة إلى أشجار معمرة أخرى. يمر الطلبة وأعضاء هيئة التدريس، والموظفون بمحاذاته، دون إعارته أي اهتمام، أو فضولا بتاريخه.

المنزل المكون من صف من غرف، يمتد سقفه ليشكل مظلة أمامه محمولة على أعمدة اسمنتية، يقابلها غرفة، لعلها استخدمت مطبخا لعائلة فلسطينية من قرية الشيخ مونس، شردت مثل باقي أهالي القرية في نيسان 1948.

يستخدم المنزل، الذي يبدو، خارج المكان المفعم بالحركة، ككنيس لطائفة يهودية من العراق، يرفعون فيه، صلواتهم إلى السماء، ولا تقلقهم بقايا ذكريات ناسه.

يطل المنزل، على الجانب الشرقي لمدينة تل أبيب، حيث تظهر العمارات الكبيرة، والمنشآت الضخمة، وكأنها غير قادرة، بتطاولها، على تحدي المنزل المنسي.

أدت خطط جامعة تل أبيب التوسعية، إلى جرف ونبش القبور في مقبرة قرية الشيخ موَنِّس، لبناء شقق طلابية، وإنشاء مجمع تجاري.

وأدى ذلك، إلى تحقيق حقد العصابات الصهيونية، ودولة الاحتلال لاحقا، على قرية الشيخ موَنِّس، وهو ما عبرت عنه مجموعة من أعضاء السلك الأكاديمي في جامعة تل أبيب، وجمعية "يتذكرون -زوخروت" إضافة إلى بعض أحفاد قرية الشيح موَنِّس، في رسالة إلى رئيس جامعة تل أبيب، يطالبون فيها بوضع لافتات توضح تاريخ القرية وحقيقة كون الجامعة مقامة على أرض القرية، التي دمرت معالمها.

جاء في الرسالة عن منزل إبراهيم كحيل، إن التعريف الجامعي لنادي هيئة التدريس، تحول إلى نادي: "يغيّب الماضي الفلسطيني"، وإن هذا التعريف، يعرض الحقائق التاريخية بشكل مشوه الأمر الذي لا يليق بمؤسسة أكاديمية.

الأمر لا يختلف، طبعا، بخصوص المنزل الذي حول إلى كنيس، وما زالت ملامحه العربية شاهدة على نمط عمراني محلي، ولم تتمكن محاولات الترميم الخجولة له، التي من الواضح أنها لم تكتمل، إلا بتأكيد هويته العمرانية، ومن بينها الجدار الحجري الذي يحيط به، وأشجار النخيل المعمرة التي زرعتها، ذات يوم، أيدي بلون التراب.

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق