كان الفلسطينيون
يشعرون بالفزع، عندما يرون قمرهم وقد زحف عليه الحوت وبدأ بابتلاعه، فيخرجون
يضربون على الطناجر وعلى أي قطع صفيح، ليصل الصوت إلى القمر فيخاف الحوت ويترك
القمر، وهم يصرخون:
يا حوت فلت قمرنا..!
الحاج طه محمد قزق من
الجماعة الأحمدية في حيفا يتذكر المشهد في عشرينات وثلاثينات القرن العشرين:
"كان يعتقد كثير من الناس عند خسوف القمر بأن حوتا يريد أن يبتلعه فيخرج
الناس ويقرعون علي التنك ويقولون: يا حوت فلت قمرنا، والمتصوفون يخرجون بالطبول والأعلام
ويتظاهرون".
وعندما هُجِّر إلى
عمّان، فزع وهو في بيته نائما بعمق، في أوائل الخمسينات: "على أصوات الأسلحة
تطلق من جميع أنواعها فظننت هجومًا إسرائيليًا وقع علي المملكة الأردنية فوجدت الناس
متجمعين فسألت عما يجري فقالوا لي: ألا ترى ان القمر مخسوف فقلت وما لهؤلاء الناس
يطلقون النار، فقالوا حتى يترك الحوت القمر".
يواصل قزق ذكرياته عن
فزع الناس (مجلة البشري كانون ثاني-نيسان ١٩٨٨): "وكلما حصلت زلزلة كانوا
يعتقدون بان الكرة الأرضية موضوعة على قرن ثور ضخم عندما يتعب ينقل الكرة الأرضية
على قرنه الثاني فتحصل الهزة الأرضية، وكانوا يخرجون في المظاهرات ويصيحون دين محمد
قام بالسيف. وفي ذكرى المولد النبوي الشريف كانوا يحملون السيوف ويلبسون الدروع
وينظم المشايخ الصفوف، وكانوا يضعون مركبا بحريا على عجلات يجرونها في شوارع حيفا
وعلى هذا المركب ماسورة شبيهة بالمدفع يحشونها بالخرق والبارود يطلقونها. وكان شخص
اسمه أبو شام جسيمًا طويلاً وله شوارب يلبس على رأسه طاقية ويتصور نفسه انه طارق
بن زياد وكأنه في معركة لاسترجاع الأندلس".
وعندما اكتشف المخرج التشيلي ميغيل لتين،
فلسطينيته وان اسمه ميخائيل اليتيم، صنع فيلما في بيت ساحور، استوحى اسمه من أهزوجة
يا حوت فلت قمرنا، التي سمعها من جده:
"في ليلة خسوف
التنين افترس القمر
وإذا ما قتلنا الوحش
حيكون آخر قمر"
اسم الفيلم (لا تدع
التنين يأكل قمرنا)، افتقدنا المخرج العالمي الذي لم يعد إلى فلسطين منذ سنوات،
وعندما سألت صديقه صالح علماني عنه قال: "متزوج من بيتجالية، ويعيش في منزله
الحياة الفلسطينية".
الاثنين 7-8-2017،
شهدت فلسطين خسوفًا جزئيًا لمدة ساعة و56 دقيقة، بدأ في تمام الساعة 8:22 دقيقة
مساءً بالتوقيت المحلي، لم يخرج الناس يطرقون لتسمع السماء، وبعد ساعات ستُسمع في
سماء المخيم أصوات الرصاص وقنابل الغاز المدمع، يطلقها جنود الاحتلال، ستصل لسابع
سماء، ليلة أخرى نوم على أزيز الرصاص، وقمرنا هناك يرقب وربما يحزن، ولكنه لا يفعل
شيئا..!
لماذا يا قمرنا، أم
أنك قمرهم..؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق