أهلين

"من عرف الله سار، ومن سار طار، ومن طار حار". عجيل المقدسي.

السبت، 19 أغسطس 2017

جمهورية الدهيشة..!













لم يكن المنظر غريبًا ليلة الخميس في مخيم الدهيشة؛ ملثمون يتجمعون على بعد نحو 100 متر من مدخل المخيم، فمثل هذا المنظر والاستعراضات الكشفية للفصائل تشهدها بشكل دائم شوارع المخيم، ولكن ما لفت الانتباه، هو تسلح الملثمون بأدوات كهربائية بينها (صاروخ) يستخدم لقص الحديد. تقدم أحد الملثمين يساعده آخرون وقصوا الصفائح الحديدية التي وضعتها قوات الاحتلال على باب مكتبة الطريق في المخيم، معلنة إغلاقها لمدة عشرين يومًا.
الذين فتحوا المحل وقرروا تحطيم قرار الاحتلال، يدركون انهم يدخلون في معركة مع روني نومة ألوف قائد جيش الاحتلال في الضفة الغربية، صاحب الاسم الثلاثي الذي يذكر بأسماء المشاهير الدرامية المنغمة كمحمد حسنين هيكل وغابريل جارسيا ماركيز، صفته الرسمية قائد جيش الدفاع الإسرائيلي في يهودا والسامرة، والأخيرة تعني الضفة الغربية الاسم السياسي للهضبة الفلسطينية الوسطى، يهودا والسامرة اسم توراتي له وقع على الأقل بالنسبة للرئيس السادات الذي استطعم استخدامه خلال لقائه ببيغن في الاسماعلية وست استغراب مقربين له مثل وزير خارجيته محمد إبراهيم كامل.

يملك أولف القدرة على المنح والمنع، وإصدار قرارات القتل والاعتقال، ومصادرة الأراضي وإعطاء بطاقات الشخصيات المهمة للمسؤولين الفلسطينيين، وتصاريح التنقل والسفر، ومن بينهم الرئيس أبو مازن الذي نشر صورة للتصريح الخاص به في لحظة مكاشفة.
يجلس حاكم الأراضي المحتلة عام 1967 الفعلي في معسكر بيت إيل (بيت الرب)، ليس بعيدًا عن المقاطعة في رام الله، ولطالما استغربت من معارضين في غزة يهددون بأنهم سيصلون في المقاطعة، ولا أعرف لماذا لم يعلنوا عن عزمهم الصلاة في بيت ايل؟ مع إغفال الصلاة في للقدس أو يافا، واستغربت من فرح المناضل الشيخ أبو طير الصبياني وهو يرى الرايات الخضراء خفاقة في المقاطعة في إحدى المناسبات، ولم يفكر برفعها في بيت ايل مثلاً.
ألوف أرسل مخابراته وجيشه فجر الثلاثاء 16 آب الجاري، بأعداد كبيرة من الجنود، توزعوا على فرق نفذت عمليات اقتحام لعدة منازل في المخيم، من بينها (ولا فخر) منزلي، حطمت أثاثها، وتمكنت من اعتقال شقيق الجريح الصالحي وهو معتقل الآن في حالة خطرة.
ولكن حملة الاحتلال على المخيم، لم تقتصر على دهم المنازل واعتقال سكانها لساعات وترويعهم وتحطيم الأثاث، وإنما شملت إغلاق مكتبة الطريق لصاحبها جمال فراج في المخيم، ومحلات محمد يعقوب (أبو رامي) لمواد البناء أمام المخيم على شارع القدس-الخليل، بحجة مخالفتهما لقوانين الاحتلال، من دون توضيح طبيعة المخالفات، وتركت قرارا مطبوعا بذلك يحمل توقيع ألوف، في لفتةٍ "قانونية" منه استهلها بذكر صلاحياته الواسعة.
اعتبر إغلاق المكتبة والمحل بعد تفتيشهما والعبث بمحتوياتها، تصعيدًا جديدًا في المعركة التي يخوضها سكان المخيم مع الاحتلال، وقواته التي تقتحم المخيم بشكل شبه ليلي، وأسفرت عن إصابة العشرات واستشهاد العديد من أبناء المخيم.
تساءل الكثيرون، حول كيفية التعامل مع قرار الاحتلال، خصوصا وان المخيم مصنف ضمن منطقة (أ) التي يفترض أن للسلطة الفلسطينية حصة عليها.
وعلى الأرجح فان الفتية الذين يواجهون المحتلين بشكل دائم، قرروا حسم الموقف، وحطموا قرار قائد الاحتلال بتحطيم الصفائح الحديدية التي أغلق بها باب مكتبة الطريق، وسط تصفيق وفرحة الناس، الذين يدركون بأن ذلك لن يكون نهاية المعركة مع ألوف، الذي من المتوقع أن يرد عبر قواته ومخابراته، ولكن الفتية مستعدين، على ما يبدو، لأية ردود فعل، وهو ما ستكشفه الأيام المقبلة.‏
يعيش مخيم الدهيشة حالة خاصة ليست نادرة في حياة الشعوب، مع الفارق بالطبع مثل كومونة باريس، أو جمهورية زفتى في مصر، المخيم الذي يواجه الاحتلال بمفرده وبصدور فتيته، كأنه جزيرة محررة، لا تتبع لأية سلطة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق