هو عصام السلطي من
مواليد 19-12-1931، يقع بيت عائلته في حي البقعة في القدس الغربية، يقابل مستعمرة
تل بيوت، حيث الطريق إلى بيت صفافا، والولجة، وبتير، والى الشمال تقع محطة سكة
القطار يافا-القدس والمطبعة الحكومية، وخزانات البترول التابعة لشركة شل. ولكي يسلك
طريقه للقدس كان أمامه طريقين متوازيتين: العليا طريق الخليل، والسفلى طريق بيت
لحم وتصل لجمعية الشبان المسيحيين.
البقعة حي حديث خارج
أسوار القدس القديمة، ولم تكن في القرون السابقة قبل بناء الكولونيولية الألمانية،
محطة قدس شريف، سوى أديرة وبيوت للأعيان ومسرحا للوحوش والغزلان-هكذا يقول صالح
الذي تربى في البقعة كابن لعائلة برجوازية مقدسية.
وعاش حياة مفعمة
بالحيوية: "..وما أن أنهي ظهر الخميس دروسي حتى أبداء جولتي المعتادة مع الأصدقاء
على بسيكليتي الفيليبس بالجريمن كولوني، فنتوقف عند فايك لشرب الكازوز الذي يصنعه الألمان
بالإضافة لبوظة فايزر، أو لشراء الخبز والبيتسا من فرن فرانك وكان يوزع قوالبه أحيانا
للبقعة والقطمون".
ولكن الأمور لم يقدر
لها أن تسر كما يجب أن تسر، فهنا القدس، التي تتربص بها العصابات الصهيونية،
وعندما احتدمت المعارك، طلب شقيقه الأكبر شبلي من خدمة التاكسي البريطانية التابعة
لزنانيري وفراج في شارع سان جوليان، سيارة أقلت العائلة من منزلها في البقعة إلى
أريحا مع قليل من الثياب تاركين كل شيء وكانوا يحسبون أنهم سيعيدون بعد هدوء
النار.
ولكن البقعة أصبحت
فردوسا مفقودا، وبعد سنوات من النكبة، زارت شقيقته المنزل، واستفسرت قاطنيه عن
الثمن الذي دفعوه لشراء البيت فقالوا: قروش.. قروش، وعن البيانو الذي اعتادت أن
تعزف عليه أجابوا: أعطيناه للأحفاد..!
أصبح لهم منزل
وأحفاد، منزل مغتصب، وأحفاد اغتصبوا البيانو..!
وعندما يزور عصام
منزل الأحلام التي ذرتها رياح القدس العاصفة، يطل عليه فيشده منظر حبات الليمون الأصفر
الملقى على الأرض كمشهد خلاب، يكاد يذهب بالعقل وهو يلمع خلف بوابة المنزل المقفلة
بالجنازير..!
رائحة الليمون تتصاعد
لتعبق في حي البقعة وتمتد للجيرمن كولوني، والغريك كولوني، والطالبية، والقطمون،
وتل بيوت، والنقفورية..!
*الصورة: منزل الياس
السلطي المغتصب في حي البقعة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق