وصف الروائي أسامة العيسة العمل الأدبي بـ"المغامرة"، التي لا يفارقها البحث وربّما الاضطراب، مؤكداً أن "لا اكتمال" في الإبداع، كاشفاً أن السجن وهزيمة العام 1967 ثيمتان تحضران في معظم أعماله الروائية، وإن لم يكن ذلك مقصوداً.
جاء ذلك خلال حوارّية ضمن مشروع "مبدع في حضرة درويش"، حاوره فيها الكاتب تحسين يقين، واحتضنتها قاعة الجليل في متحف محمود درويش بمدينة رام الله، مساء الثاني عشر من أيار (مايو) 2025.
وبدأ العيسة حديثه عن روايته "المسكوبية"، مشيراً إلى أنها تتناول تجربة فتى فلسطيني في آذار (مارس) من العام 1982، حيث كان يقبع هو في معتقل التحقيق الإسرائيلي، التي تحمل الرواية اسمه، راصداً ليس فقط تجربته، بل تجارب ونماذج "كثيرة ومهمة" من حوله، لافتاً إلى أنه كان من الصعب الكتابة عنها، وقتذاك، لأكثر من سبب، بينها طبيعة صورة المناضل الفلسطيني، بحيث لم يكن مُستوعباً الكتابة عنه كإنسان، أو كشخص حالم قد تتملكه لحظات من الضعف، وهو ما ينطبق على "العالم السفلي من القدس"، حيث اعتقل مع "التحتيّين" في مدينة القدس، لذا انتظر حتى العام 2010، ليُصدرها رواية، تسلح في كتابتها بتقنيات صحفية، وبالعودة إلى قصاصات الجرائد، والبحث أيضاً.
وعن روايته "قبلة بيت لحم الأخيرة"، أحال العيسة الجمهور إلى وصف بعض النقاد لها باعتبارها رواية ملحمية عن بيت لحم، مضيفاً: هي ليست فقط عن التحولات في الواقع الفلسطيني، بل بالأساس مراجعة لتجربة اليسار الفلسطيني، علاوة على كونها رواية مكان أيضاً.
أسامة العيسة يحكي تجربته الروائية في حضرة درويش!
2025-05-14 | 08:17 ص 28 مشاهدة
يوسف الشايب:
وصف الروائي أسامة العيسة العمل الأدبي بـ"المغامرة"، التي لا يفارقها البحث وربّما الاضطراب، مؤكداً أن "لا اكتمال" في الإبداع، كاشفاً أن السجن وهزيمة العام 1967 ثيمتان تحضران في معظم أعماله الروائية، وإن لم يكن ذلك مقصوداً.
جاء ذلك خلال حوارّية ضمن مشروع "مبدع في حضرة درويش"، حاوره فيها الكاتب تحسين يقين، واحتضنتها قاعة الجليل في متحف محمود درويش بمدينة رام الله، مساء الثاني عشر من أيار (مايو) 2025.
وبدأ العيسة حديثه عن روايته "المسكوبية"، مشيراً إلى أنها تتناول تجربة فتى فلسطيني في آذار (مارس) من العام 1982، حيث كان يقبع هو في معتقل التحقيق الإسرائيلي، التي تحمل الرواية اسمه، راصداً ليس فقط تجربته، بل تجارب ونماذج "كثيرة ومهمة" من حوله، لافتاً إلى أنه كان من الصعب الكتابة عنها، وقتذاك، لأكثر من سبب، بينها طبيعة صورة المناضل الفلسطيني، بحيث لم يكن مُستوعباً الكتابة عنه كإنسان، أو كشخص حالم قد تتملكه لحظات من الضعف، وهو ما ينطبق على "العالم السفلي من القدس"، حيث اعتقل مع "التحتيّين" في مدينة القدس، لذا انتظر حتى العام 2010، ليُصدرها رواية، تسلح في كتابتها بتقنيات صحفية، وبالعودة إلى قصاصات الجرائد، والبحث أيضاً.
وعن روايته "قبلة بيت لحم الأخيرة"، أحال العيسة الجمهور إلى وصف بعض النقاد لها باعتبارها رواية ملحمية عن بيت لحم، مضيفاً: هي ليست فقط عن التحولات في الواقع الفلسطيني، بل بالأساس مراجعة لتجربة اليسار الفلسطيني، علاوة على كونها رواية مكان أيضاً.

وفي حديثه عن رواية "مجانين بيت لحم"، الفائزة بجائزة الشيخ زايد للكتاب في العام 2015، وتبعاً لأسئلة مُحاوره، لفت العيسة إلى أنه ولد في مخيم الدهيشة للاجئين، لأسرة لجأت من قرية ما بين جبال الخليل والقدس، ووصفوا بالمجانين لمغادرتهم أراضيهم ومنازلهم، لكنهم وجدوا قبلهم "مجانين" آخرين في المنطقة، وهم نزلاء مستشفى الأمراض العقلية والنفسية في المدينة، مشدداً أنه لم يستخدم كلمة "جنون" أو وصف "مجانين" كوصمة.
وأشار العيسة إلى أن علاقة خاصة نشأت بينه وبين سكّان المخيم مع المستشفى، بحيث عمل العديد من أقاربه وجيرانه فيه، كما أن الطريق المختصرة من المخيم إلى بيت لحم المدينة كانت تمر من وسط الأراضي التابعة للمستشفى، بل "تعرّفنا على الكثيرين من الذين يسكنون هذا المستشفى، وبعضهم كان يحدثنا عن قصص حب تولدت بينهم"، كاشفاً أن بعض جنود الجيوش العربية، وإثر هذه الهزيمة أو تلك، كانوا من سكان "هذا المكان"، الذي يمكن أن يؤرخ لفترات زمنية ممتدة، فهو تعبير عن تحالف ما بين الإمبراطورية الألمانية والعثمانيين، بحيث بني كميتم لأطفال الأرمن الذي نجوا وقضت عائلاتهم في المذابح العثمانية، ومع الوقت غنمته السلطات البريطانية، إلى أن تحوّل إلى مستشفى للأمراض العقلية، وكان فيه مرضى فلسطينيين ويهود، الذين غادروه في أعقاب ثورة العام 1936.. قصة المكان جزء من قصة فلسطين، بحيث سيطر عليه الأردنيون في مطلع خمسينيات القرن الماضي، ومن ثم الإسرائيليون، ومن ثم السلطة الفلسطينية، وكيف حدث في عهدها "اعتداء على أرض المجانين، بحيث تم بناء العديد من المباني الرسمية والحكومية عليها، بل ومنح قطعة أرض من أراضيها لصالح الإمبراطورية الروسية الجديدة بقيادة بوتين ليبني عليها المركز الثقافي الروسي".
وأكد العيسة أن رواية "مجانين بيت لحم" تأتي في إطار اهتمامه بالكتابة عن المهمّشين، وفي هذه الحالة كانت الكتابة عن مهمّشي المهمّشين، وضمن تكوين مشروعه الروائي القائم على كتابة المكان والزمان الفلسطينيّين، مشيراً إلى أنه وحين كان في معتقل الفارعة، مطلع ثمانينيات القرن الماضي، كان الأسرى من بيت لحم يوصفون بـ"المجانين"، تبعاً لهذا المكان "القدري".
أما عن روايته "قط بئر السبع"، فأكد أنه ليست فقط عن السجن، وتجربة الأسر، وحكايات الأسرى في زنازين الاحتلال، بل هي أيضاً عن الطبيعة الفلسطينية، بما فيها من حيوانات، كما لا تغفل تجربة اللجوء أيضاً، مع الحضور اللافت للسجن، مع أن القط الذي يتسلل إلى غرف الأسرى هو "البطل الحقيقي" لها، وكان يساعدهم في عديد الأمور، هي مبنية على قصة حقيقية.
أسامة العيسة يحكي تجربته الروائية في حضرة درويش!
2025-05-14 | 08:17 ص 28 مشاهدة
يوسف الشايب:
وصف الروائي أسامة العيسة العمل الأدبي بـ"المغامرة"، التي لا يفارقها البحث وربّما الاضطراب، مؤكداً أن "لا اكتمال" في الإبداع، كاشفاً أن السجن وهزيمة العام 1967 ثيمتان تحضران في معظم أعماله الروائية، وإن لم يكن ذلك مقصوداً.
جاء ذلك خلال حوارّية ضمن مشروع "مبدع في حضرة درويش"، حاوره فيها الكاتب تحسين يقين، واحتضنتها قاعة الجليل في متحف محمود درويش بمدينة رام الله، مساء الثاني عشر من أيار (مايو) 2025.
وبدأ العيسة حديثه عن روايته "المسكوبية"، مشيراً إلى أنها تتناول تجربة فتى فلسطيني في آذار (مارس) من العام 1982، حيث كان يقبع هو في معتقل التحقيق الإسرائيلي، التي تحمل الرواية اسمه، راصداً ليس فقط تجربته، بل تجارب ونماذج "كثيرة ومهمة" من حوله، لافتاً إلى أنه كان من الصعب الكتابة عنها، وقتذاك، لأكثر من سبب، بينها طبيعة صورة المناضل الفلسطيني، بحيث لم يكن مُستوعباً الكتابة عنه كإنسان، أو كشخص حالم قد تتملكه لحظات من الضعف، وهو ما ينطبق على "العالم السفلي من القدس"، حيث اعتقل مع "التحتيّين" في مدينة القدس، لذا انتظر حتى العام 2010، ليُصدرها رواية، تسلح في كتابتها بتقنيات صحفية، وبالعودة إلى قصاصات الجرائد، والبحث أيضاً.
وعن روايته "قبلة بيت لحم الأخيرة"، أحال العيسة الجمهور إلى وصف بعض النقاد لها باعتبارها رواية ملحمية عن بيت لحم، مضيفاً: هي ليست فقط عن التحولات في الواقع الفلسطيني، بل بالأساس مراجعة لتجربة اليسار الفلسطيني، علاوة على كونها رواية مكان أيضاً.

وفي حديثه عن رواية "مجانين بيت لحم"، الفائزة بجائزة الشيخ زايد للكتاب في العام 2015، وتبعاً لأسئلة مُحاوره، لفت العيسة إلى أنه ولد في مخيم الدهيشة للاجئين، لأسرة لجأت من قرية ما بين جبال الخليل والقدس، ووصفوا بالمجانين لمغادرتهم أراضيهم ومنازلهم، لكنهم وجدوا قبلهم "مجانين" آخرين في المنطقة، وهم نزلاء مستشفى الأمراض العقلية والنفسية في المدينة، مشدداً أنه لم يستخدم كلمة "جنون" أو وصف "مجانين" كوصمة.

وأشار العيسة إلى أن علاقة خاصة نشأت بينه وبين سكّان المخيم مع المستشفى، بحيث عمل العديد من أقاربه وجيرانه فيه، كما أن الطريق المختصرة من المخيم إلى بيت لحم المدينة كانت تمر من وسط الأراضي التابعة للمستشفى، بل "تعرّفنا على الكثيرين من الذين يسكنون هذا المستشفى، وبعضهم كان يحدثنا عن قصص حب تولدت بينهم"، كاشفاً أن بعض جنود الجيوش العربية، وإثر هذه الهزيمة أو تلك، كانوا من سكان "هذا المكان"، الذي يمكن أن يؤرخ لفترات زمنية ممتدة، فهو تعبير عن تحالف ما بين الإمبراطورية الألمانية والعثمانيين، بحيث بني كميتم لأطفال الأرمن الذي نجوا وقضت عائلاتهم في المذابح العثمانية، ومع الوقت غنمته السلطات البريطانية، إلى أن تحوّل إلى مستشفى للأمراض العقلية، وكان فيه مرضى فلسطينيين ويهود، الذين غادروه في أعقاب ثورة العام 1936.. قصة المكان جزء من قصة فلسطين، بحيث سيطر عليه الأردنيون في مطلع خمسينيات القرن الماضي، ومن ثم الإسرائيليون، ومن ثم السلطة الفلسطينية، وكيف حدث في عهدها "اعتداء على أرض المجانين، بحيث تم بناء العديد من المباني الرسمية والحكومية عليها، بل ومنح قطعة أرض من أراضيها لصالح الإمبراطورية الروسية الجديدة بقيادة بوتين ليبني عليها المركز الثقافي الروسي".
وأكد العيسة أن رواية "مجانين بيت لحم" تأتي في إطار اهتمامه بالكتابة عن المهمّشين، وفي هذه الحالة كانت الكتابة عن مهمّشي المهمّشين، وضمن تكوين مشروعه الروائي القائم على كتابة المكان والزمان الفلسطينيّين، مشيراً إلى أنه وحين كان في معتقل الفارعة، مطلع ثمانينيات القرن الماضي، كان الأسرى من بيت لحم يوصفون بـ"المجانين"، تبعاً لهذا المكان "القدري".

أما عن روايته "قط بئر السبع"، فأكد أنه ليست فقط عن السجن، وتجربة الأسر، وحكايات الأسرى في زنازين الاحتلال، بل هي أيضاً عن الطبيعة الفلسطينية، بما فيها من حيوانات، كما لا تغفل تجربة اللجوء أيضاً، مع الحضور اللافت للسجن، مع أن القط الذي يتسلل إلى غرف الأسرى هو "البطل الحقيقي" لها، وكان يساعدهم في عديد الأمور، هي مبنية على قصة حقيقية.

ولم يغفل العيسة في رده على أسئلة مُحاوِره، الحديث عن روايته الأحدث "سماء القدس السابعة"، ونافست على الجائزة العالمية للرواية العربية في الدورة قبل الأخيرة، بوصولها إلى القائمة القصيرة، مشيراً إلى أن "نكسة العام 1967" كما "نكبة العام 1948" تحضران فيها، في إطار "رغبتي بكتابة رواية ملحمية عن مدينة القدس، وعن علاقتها بريفها، وكيف تطورت المدينة على مدار عقود لتختتم ما قبل الانتفاضة الثانية"، وفيها ميثولوجيا، واستعادة شخصيات مقدسية كان لها حضورها في المدينة عبر الزمن، وتوظيف أحداث بعينها، وغير ذلك، دون أن تخلو من فنتازيا أيضاً.
https://www.almanassa.ps/page-4940.html?fbclid=IwY2xjawKRMM1leHRuA2FlbQIxMABicmlkETExbGh3NWhTbFhGazdVNEpIAR4PSb5DBh3FrL2CW5gkzgJkSBpw3CQVhpYkf30G6GksLeKNYJIt4Oyajj_RQA_aem_mb-d0WfVxoeNXVFquzqOVw
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق