أهلين

"من عرف الله سار، ومن سار طار، ومن طار حار". عجيل المقدسي.

الأحد، 28 يناير 2024

اكتشفت القدس من جديد/ أكرم عطا الله العيسة


 


مرت أشهر عديدة منذ حصلت على رواية الصديق أسامة العيسة، وهو الكاتب والروائي الفلسطيني الذي يمتلك مهارات لها لونًا خاصًا ومميزًا، فيها لغة البحث والتقصي العميقة جدًا، واثناء توقيعه على الرواية سألته لماذا روايتك بهذا الحجم " 677 صفحة"، وأضفت أنا لست من عشَّاق الروايات الطويلة، طوال تلك الفترة وأنا انظر للرواية وانا متردد على بدء قراءاتها لأنَّها كثيرة الصفحات، ولكن العدوان على غزة كان قد بدأ فركنت الرواية جانبًا واستحوذت علي الاخبار.

كان قرار البدء هو الصعب، وما إن قرأت الصفحات الأولى حتى استحوذت الرواية على معظم وقتي، غاص بعمق في تاريخ القدس، لم تعجبه الكثير من المسلمات الواردة في الكتب المقدسة أو في الكثير من كتب التاريخ، فبدأ بتقليب حجارة القدس حجرًا حجرًا، أبواب القدس واختلاف مسمياتها عبر العصور والتاريخ وتغيُّر النظم والحكَّام، طموحاتها وأطماعهم ونزواتهم، كنائس القدس والأحبار والكهَّان والطوائف، مساجد القدس وقبابها، أمراء القدس وشيوخها، ولاءاتهم وخلافاتهم وصراع العائلات، حارات القدس  وتاريخها،

حتى قبور الأنبياء والأضرحة، غاص في التاريخ حتى اكتشف أنَّ هنالك نبيا اسمه عكاشة والذي غاب عن كل كتبنا المدرسية التي تزخر بأسماء الأنبياء ونسائهم وأبنائهم، لم يقبل التاريخ على عواهنه وشكَّك بما يعتبره البعض مسلمات، كان راكضًا خلف الحقيقة ومدققًا بالتفاصيل ومشككًا بها بحيث دفعني في بعض الأحيان أن لا أميل لتصديق بعضا مما قرأته في ثنايا الرواية.

الحاضر في رواية أسامة العيسة هو نحن، السبع ولور، وكافل وأم كافل، ووالد كافل، هم الرواة وعندما يغوصون في التاريخ العميق قد لا يقلق ذلك كثيرًا فهو تاريخ قد مات صانعوه، أمَّا عندما يغوصون في أحداث معاصره خاصة تلك السياسيَّة منها فربما ينتابك بعضا من التشكك أو الأسئلة الكثيرة حول معنى وروردها في الرواية؟

وأنا اقرأ في رواية سماء القدس السابعة استحضرتني رواية عالم صوفي للأديب النرويجي جوستاين جاردر والتي صدرت عام 1991 وترجمت لأكثر من 50 لغة، بطلة رواية عالم صوفي طفلة مراهقة، وبطل رواية سماء القدس السابعة أيضًا طفل مراهق، جوستاين جاردر غاص في كتب الفلسفة والتاريخ وكتب روايته، أمَّا أسامة العيسة فغاص في علم الآثار وكتب التاريخ وقلَّب حجارة القدس داخل السور وخارج السور وأيضًا التقى عشرات الأشخاص الذين حضرت آرائهم في الرواية.

أمَّا الجزء الأخير من الرواية والذي حمل الكثير من الحاضر فباعتقادي كان مقروءًا بعين حملت الكثير من السياسة وقليلًا من التاريخ.

ما زلت من غير المحبين للروايات الطويلة ولكنني أقر وأعترف أنَّ رواية سماء القدس السابعة قد أسرتني لعدة أيَّام، احسست خلالها انني اكتشف القدس من جديد.

#أكرم_عطا_الله_العيسة

#سماء_القدس_السابعة

#منشورات_المتوسط

#أسامة_العيسة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق