يمكن لاين قتيبة، وهو واحد
من أذكياء دنيا العرب، أن يهزل، عندما يريد، ولكنَّه وهو يذكر الدنيا كأُمّ دَفْر،
في (أدب الكاتب) تخلى عن أيَّة عواطف، بما يليق بأستذته، وبكتابه الذي سيعده ابن
خلدون واحدًا من ثلاثة أو أربعة كتب مُؤسِسَة، والباقي يتكيء عليها.
هي أُمّ دَفر أو أُمّ دَفار!
هكذا وصفها العرب، والدَّفْر نتن الإبط. يمكن لمثلي، دائم الاندهاش، أن يدهش من
هذه اللغة، وناسها الذين سبقونا إلى أُمّ دَفر هذه، ففصلوها، وسموا كل نتن فيها.
أبو العلاء المعري، يسخر،
بطريقته من الدفريين، لاعنين أُمهم، ولكنَّهم يراوغون:
ومنَ العجائبِ أنّ كلاًّ
راغبٌ/ في أمّ دَفرٍ، وهو من عُيّابها.
بالنسبة لشاعر عربي معاصر،
قذفته الأنواء الشاميَّة، إلى بلاد البورج، فإنَّ الدنيا والحياة تتوازيان.
"كأنَّها حادثٌ
على الطريق السريع
هذه الحياة". (نادر
القاسم)
فلسطين، هي أُم دَفر، وأم
خنور (من كنى الضبع)، وكرة قدم العالم (كما وصفها جيمس برستد صاحب فجر الضمير) وحوادث
على الطرق كلها.
في إرث المغلوبين، نصادف انتقامهم
الرغبوي من الحكَّام، فيذكرون مثلًا أنَّ عبد الملك بن مروان قال: "وقد تمكنا
من أم خنورٍ ونعمتها وغضارتها"، ولا يجعلوه بعد غروره يهنأ كثيًرا بمتاع
الغرور: "لم يعش بعد قوله هذا إلا أسبوعًا".
لكن حكَّام شرقنا، الذين
نتمنى موتهم، يعيشون طويلًا، وعندما ينفقون، لا يكفون عن التناسل.
يا فلسطينيتي، الدَّفْر
يغزونا من الأمكنة كلها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق