خدم جَدِّي إِمحيسن (مُحيسن)
مرتين في الجيش العثماني، وعاد من الحرب العظمى التي خدم فيها كجندي في جبهة قناة
السويس (الترعة) مع الجيش العثماني المؤمن والألماني الكافر، مهزومًا إلى قريته
زكريا في الهضاب الفلسطينية المنخفضة، ولكنَّه أفضل حالًا من أعدادٍ لا نعرف عددها
ذهبت في السفر برلك ولم تعد، ولا نعرف عنها شيئًا، ولم يهتم أحد بمصيرهم، فالولادة
والموت في شرقنا قدر، مقدَّر في الألواح المحفوظة، السماوية والأرضية.
ولكن عودة إمحيسن، لم تكن
تستحق الاحتفال، إلَّا نسبيًا، لأنَّه فقد البصر. وعندما وصلت إمبراطورية أخرى،
فعلت كما فعل كل محتل لبلادنا، بدأت بجمع الضرائب، وعندما وصل محصِّل دولة صاحب
الجلالة البريطاني، ومعه نموذج المحاصيل الصيفيَّة، صدم لأنَّ إِمحيسن لم يزرع شيئًا
منها، ولكن الإمبراطوريات لا تغيٍّر سياساتها بسهولة، فكتب بخط اليد أنَّه يستحق
على هذا الرجل الضرير دفع ضريبة عن 30 كيلو صبر، وهو ثمر ينبت شيطانيًا في بلادنا،
وغير داخل في المواد التي تستوجب مكسها.
موسم الصبر لدي بدأ هذا العام،
من قريتي زكريا المهجرة، كلفتة لذلك الرجل الذي عاش ليجرِّب، بالإضافة للعثمانيين،
البريطانييِّن، والمصرييِّن، والأردنيِّين، ومات في مخيم الدهيشة للاجئين، ولم تكن
هذه السلطات، بالنسبة لنظرتها للمواطن، تختلف.
صديقي الياس سراحنة، ابن
قرية عجّور المجاورة، متعصب لصبر قريته، التي تشتهر بالصبر. رافقته اليوم في جولة
لالتقاط الصبر، لتوزيعه على بعض كبار السن من اللاجئين واللاجئات.
يلفت الياس انتباهي، وأنا
أشكو الشوك الذي ينغرس في يدي وأجزاء من جسدي: أُنظر عسل الصبر. يكاد الصبر من
نضجه وحلاوته يتفجَّر، ويطفو السائب الارجواني على جلدته. يعتبر الياس، باإمان
حقيقي أنَّ صبر عجّور أفضل صبر في العالم.
تتصل به أخته الكبيرة من
عمَّان، حيث تقيم لاجئة، لتطمئن على صبر عجًّور وتينها، وتسأل عن تفاصيل كثيرة،
وتدعو وتدعي، ثم تقول: بعض اليهود أحسن من العرب.
لقراءة تفاصيل عن حكاية جدي
مع الصبر مع الوثائق:
https://www.awanmedia.net/article/1664
#زكريا
#عجور
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق