أهلين

"من عرف الله سار، ومن سار طار، ومن طار حار". عجيل المقدسي.

الثلاثاء، 22 يناير 2019

‏مولانا الشبراوي...!



في كل عصر يظهر المتعصبون، ويظهر أيضا المتساهلون..!
في سبعينات القرن الثامن عشر، كان بطرك (الاورام) كما يسمه الجبرتي، مشغولاً في الكيد لطوائف مسيحية أخرى، فتمكن من الحصول على مرسوم سلطاني بمنع "نصارى الشوام من دخول كنائس الإفرنج"، ولإقناع السلطات، كما يبدو، فانه اقترح أن يدفع من يدخل إلى هذه الكنائس من هذه الطوائف، ألف كيس من الأموال، وهو ما حدث.
وفي الوقت نفسه، منع مسلمون متعصبون، الأقباط من زيارة فلسطين، لزيارة أماكن الحج المسيحي في بيت لحم والقدس، فلجأ كبيرهم واسمه نوروز، إلى شيخ الأزهر عبد الله الشبراوي (1681-1758م)، الفقيه الشافعي، وهو الإمام السابع في سلسلة شيوخ الجامع الأزهر، فأفتى بأن "أهل الذمة لا يمنعون من دياناتهم وزياراتهم".
يغمز ويلمز الجبرتي الخبيث، دون أن يظهر ذلك، مشيرًا إلى أن الفتوى جاءت بعد أن تلقى الشيخ الشبراوي، هدية وألف دينار. وربما علينا أن نتسلح بحسن النية تجاه الشبراوي، فالنبي قبل الهدية.
ولكن المتعصبين، لا يتعاملون بحسن النوايا، واستفزهم، استعدادات الأقباط المبهرجة والفرحة ونصب الخيام، وتشغيل العربان للحراسة، استعدادا للانطلاق لزيارة فلسطين، وخشوا منها، وليس هناك مثل الأجواء الفرحة يمكن أن تستفز المتعصبين، فاحتج أحد زعمائهم وهو الشيخ البكري، الذي لام الشبراوي على فتواه، واتهمه بتلقي رشوة بألف دينار وعليهم أيضًا هدية، ولكن الشبراوي نفى ذلك، ولم يصدقه البكري، الذي تخوف من أن يصبح للأقباط، مثل المسلمين، محملاً للحج، وأمام ضغطه تراجع الشيخ الشبراوي، بل وأكثر من ذلك سمح للعامة بالخروج على الأقباط المستعدين للسفر، ونهبهم، وهذا ما حدث، حسب الجبرتي، وخرج أيضا طائفة من مجاوري الأزهر، فاجتمعوا على الأقباط ورجموهم وضربوهم بالعصي والمساوق، وجرّسوهم، ونهبوا أيضًا الكنيسة...الخ.
الغريب، أن الباحثين المعاصرين، يصنفون الشبراوي، كشيخ متسامح، بسبب فتواه الأنفة الذكر، نقلاً عن الجبرتي، ولكنّهم، لا يكملون ما ذكره المؤرخ العظيم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق