أهلين

"من عرف الله سار، ومن سار طار، ومن طار حار". عجيل المقدسي.

الجمعة، 21 ديسمبر 2018

الشنّاوي الذي أحب فيروز أخيرًا,,!



لم أعرف إلى أي مدى يمكن أن يكون الشنّاوي، صاحب مزاج، عندما كنت أراه في شوارع الحارة، لم ألاحظ اهتمامات فنية لديه، ولكنّه، على الأرجح، اكتسب حسًا فنيا في السجن الذي يدخله للمرّة الثانية، والدليل أنه طلب إدخال صورة المطربة فيروز إليه إلى السجن.
التقيت جارتي أُمّ الشنّاوي، وابنتها أسيل على السادسة صباحًا تقريبًا، أمام المخيم. أم محمد استعار ابنها لقب الشنّاوي تأسيًا بمقاوم فلسطيني برز خلال الانتفاضة الثانية. يوم الأربعاء، كان موعد زيارة الشنّاوي في سجن عوفر. في المرّة الماضية عندما التقينا صباحًا سبقتني ودفعت عنيّ في المركبة التي نقلتنا من المخيم إلى بيت لحم، حيث حافلات الصليب الأحمر التي تنقل أهالي الأسرى، بطريقة معقدة وتستغرق وقتًا طويلاً، بسبب إجراءات الاحتلال، إلى السجون.
في منطقة السينما، يقيم موظف الصليب الأحمر مكتبًا مؤقتًا لتأكيد تسجيل الأهالي، وفوجئت وأنا أنظر إلى اللوحة التي تحمل صور الأسرى الذين حُكموا بالمؤيدات، بان أُمّ الشناوي تجلس على الدرج وتبكي، وفهمت منها أن الموظف في مكتب الصليب لم يسجلها للزيارة، لقد غفل عن ذلك، ورغم قهرها، كان لديها مهمة، إيصال الأموال، والصور.
في منتصف النهار، في قاعة الانتظار في معتقل عوفر، بعد ساعات بسبب إجراءات الاحتلال الفظيعة والغريبة، تمكنت زميلات أُمّ الشنّاوي، من تدبير إدخال الأموال بأسماء أسرى لابنها، وكذلك الصور إلَّا صورة، رفض الشرطي العربي الدرزي المسؤول، إدخالها. إنها صورة فيروز التي طلبها الشناوي، ولم أعرف سبب الرفض، ولم أفهم  كيف يمكن أن تغضب الصورة شرطي عربي يخدم قوات الاحتلال:
*ماذا يريد بفيروز هذه؟-قال الشرطي وهو يتلمظ بثقل دم صارخ.
لاحظت خلال زيارات الأسرى، بعض طلباتهم الغريبة، فيما يخص الصور، كأسير يطلب صورة كلب رباه في الخارج، أو صورة سيارته، أو حتَى صورة حاوية القمامة في الحي، تعبيرًا عن اشتياقه حتى لأشد الأمور فظاعة خارج قضبان السجن.
يوم الأربعاء (19-12-2018)، بقي الشنّاوي في غرفته، لم يتمكن مثل معظم زملائه الأسرى من الزيارة، ولم يتمكن من لمس صورة فيروز التي طلبها. ربما تشكَّل خطرًا أمنيا على الاحتلال.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق